الخميس، 25 سبتمبر 2014

الدكتورة فريدة العلاقي: صورة مشرفة لنساء ليبيا



ظهور اسم السيدة فريدة العلاقي من جديد على المشهد السياسي الليبي عقب تسميتها كوزيرة للخارجية فى حكومة السيد الثني، جعلتها عرضة للتساؤلات والتعليقات من المواطنين فى ليبيا ، تحولت فى جزء منها لحملات تشويه وسخرية على هذه السيدة الشجاعة المحترمة الزاهدة فى تولي مناصب عامة في الدولة الليبية، فقد اعلنتها أكثر من مرة عزوفها عن ذلك، ودعوتها للشباب للتقدم وتحمل المسؤليات،تأملت من السيدة فريدة لو اصدرت تصريح قصير موضحة رأيها فى تولى المناصب العامة فى الدولة ، خاصة فى ظل التجاذبات السياسية الحادة وكم تمنيت لو أنها نأت بنفسها عنها.

ماجعلنى اشعر بالكثير من الالم والحزن على عدم منطقية كثير من آراء الناس، المبنية على معلومات قليلة او محدودة حول هذه السيدة الرائعة، وهو ما دفعني إلى إعادة نشر مادة أولية حول السيدة فريدة العلاقي كنت قد قمت في اليوم العالمى للمرأة عام 2012 بكتابتها ونشرها عبر حسابي الشخصي في الفيسبوك باعتبارها وجه ليبي مشرق ومعروف في خارج ليبيا ولكن الغالبية العظمى من الليبيين يكادون لايعرفون عن سيرتها وتاريخها الكثير او حتى القليل، لبقائها في المنفي ضمن صفوف المعارضين لنظام القذافي طوال اربعين عام.

لقد نالت تلك المادة اعجاب السيدة هيلانة بن علي مديرة الصفحة الليبية "صوتي ليس عورة" فطلبت الإذن بإعادة النشر على الصفحة المهتمة بقضايا المرأة الليبية والعربية، فوافقت على ذلك كأداء لواجبي تجاه هذه السيدة الشجاعة، ولكني تفاجئت فيما بعد بإعادة نشرها ضمن موقع وكالة محلية تحمل اسم "الأنباء" دون الإشارة إلى الكاتبة أو مصدر المقال. والطريف أن إعادة النشر ضمنت كل الأخطاء اللغوية والإملائية وحتى ترتيب عرض الموضوع كما هو منشور على صفحتي الشخصية بالفيسبوك دون أن يتكلفوا عناء التصحيح. ورغم تعليقي في خانة التعليقات بالموقع الى تعديهم على حقي المعنوي بعدم وضع اسمي على المقال لم يجري تصحيح الامر ، بل تم تجاهلي من قبل محرري الموقع. ومع ظهور اسم السيدة فريدة العلاقي من جديد على المشهد السياسي الليبي، إثر تسميتها كوزيرة للخارجية في حكومة السيد الثني، اعُيد نشر المقال خلال الايام القليلة الماضية عبر موقع "بوابة الوسط" بنفس أسلوب الوكالة السابقة مع الابقاء على نفس الأخطاء الإملائية و اللغوية وترتيب الفقرات، المهم قررت إعادة نشر المقال كاملا بعد التصحيح والتعديل مع الاشارة لما حدث معي، رغم شعوري بالغضب والانزعاج من التصرف غير المهني و غير الأخلاقي من طرف الموقعين.

جاء اهتمامي بالسيدة فريدة بلقاسم العلاقي ضمن نشاطي بمؤسسة تبرة برئاسة السيدة هناء النعاس رحمها الله (خلال اعوام 2003-2011) وهي مؤسسة تركز على تقديم قصص نجاح لنساء ليبيات من كافة الاعمار والخلفيات، وقد استوقفني، عام 2005، خبر اختيار الدكتورة فريدة ضمن ألف (1000) امرأة حول العالم لنيل جائزة نوبل للسلام وذلك باعتبارهن من الفاعلات والمؤثرات في تحسين البيئات اللائي يعشن فيها.

 بدأت مشوراها العلمي من جامعة بنغازي، وكانت ذات حضور ملفت وسط طلاب قسمها (الفلسفة وعلم الاجتماع) حيث عرفت بثقافتها الواسعة ، وروحها الاجتماعية العالية، من هنا شكلت بين زملائها في كلية الآداب  نموذج مختلف للفتاة الليبية في تلك الاعوام. وربما ماساهم في تشكيل شخصية السيدة فريدة نشأتها في بيت يهتم بالتعليم والثقافة مما ترك أثر عميق على شخصيتها. فوالدها هو السيد بلقاسم العلاقي وزير التعليم في دولة الاستقلال، وجدها لوالدتها هو السيد مفتاح عريقيب، احد كبار تجار مدينة صرمان ومن أعيانها ،وقد تولى عديد المناصب في دولة الاستقلال أخرها رئيساً لمجلس النواب (1960). وتتحدث في لقاء صحفي حول نشأتها وتربيتها في سنوات الطفولة قائلة: " .. منذ طفولتي كنت قريبة جدا من والدي، وقد عمل والدي وزيرا للتعليم والصناعة، وقد تشربت من والدي الكثير من القيم والمبادئ ومنها (حب الوطن)، أما والدتي فكانت امرأة قوية وذكية وشجاعة رغم انها لم تكن متعلمة الا انها مسيسة جدا ومكافحة تحثنا جميعا على مواصلة التعليم، وفي الحقيقة أدين كثيرا لوالدي ولوالدتي، وكذلك لجدتي التي عشت معها أيام طفولتي الأولى، فهؤلاء الثلاثة هم الذين ساهموا في تشكيل شخصيتي وحياتي ".

وهذه البيئة الاولى التى نمت وترعرت فيها السيدة فريدة هي التي اسهمت في توجهها للعمل مع البشر أى في مجالات التنمية البشرية والصالح العام حول العالم. وتشير الى ذكريات الطفولة حول هذا الجانب في حياتها :" .. كان مصطلح التنمية البشرية في سنوات الطفولة يعني العمل مع البشر، وهو بالنسبة لي كذلك - قبل أن يقنن بهذا التعبير – نشأ معي منذ طفولتي وأنا أشاهد والدتي وهي تعمل مع هذه الفئات أى الفقراء والمحتاجين والأطفال، ثم كنت أشاهد جدتي، فكنت دائما محاطة بالمحيط الأسري برؤية كل فئات المجتمع وكل الناس، وأعتقد أنه كانت هذه هي البداية ، وبعد ذلك - طبعا – تدرجت في تحصيلي العلمي وحياتي العملية ، وكنت ناشطة قبل زواجي في العمل الكشفي (الكشافة) الذي ورثت واستفدت منه الكثير ".

 ولاشك أن النشأة الاولى وتفتح الوعي على محيط عائلي تدور فيه بشكل يومي أحاديث السياسة والشأن العام كان له تأثير كبير على اهتمامات الدكتورة فريدة في تلك السنوات مما نمى فيها روح النضال، فأندفعت للمشاركة في المظاهرات الداعمة للثورة الجزائرية في شوارع طرابلس، واعتبرت المناضلة جميلة بوحريد مثلها الأعلى في تلك السن الصغيرة قبل دخولها للجامعة في بنغازي وتتحول الى احدى الشخصيات النسائية المطبوعة في ذاكرة طلاب واساتذة الجامعة بتلك الفترة.

تخرجت عام 1969 من كلية الآداب بجامعة بنغازي، لتسافر لاكمال دراستها في الولايات المتحدة الإمريكية حيث  نالت درجتي الماجستير والدكتوراه من ولاية (كولورادو) الأميركية في مجال (علم الاجتماع : تخصص التخطيط الاجتماعي والتنمية) عام 1980.

هذا وقد عملت الدكتورة فريدة منذ عام 1975 م في الكثير من المؤسسات الدولية والاقليمية؛ مثل عملها كمستشارة للتنمية البشرية وصياغة السياسات والتخطيط الاستراتيجي وتنمية الموارد، ثم انتقلت للعمل بعد ذلك في وكالات الأمم المتحدة كاليونيسيف وصندوق الأمم المتحدة للسكان والبرنامج الانمائي واليونسكو واليونيفيم ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية.

أسهمت في بداية الثمانينيات بإنشاء عدة مؤسسات وطنية واقليمية ودولية ومنظمات غير حكومية من خلال تركيزها على النساء والأطفال والشباب والفقراء والأقليات .

وقد عينت مسئولة عن مشاريع وبرامج منظمة (اليونيسيف) في الرياض عام 1981 م وبين عامي 1983-2011 م مديرة لإدارة المرأة والطفل في برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الامم المتحدة الانمائية.

 بالإضافة لعملها في المجال الدولي بالأمم المتحدة، حيث أصبحت خبيرة دولية في المنظمة الدولية للطفل التابعة للأمم المتحدة (يونيسيف)، كانت لها عدة نشاطات متواصلة في بعض الجمعيات الاهلية، فساهمت في برامج الانماء وخطط التنمية المستدامة والشباب، وهي مستشارة دائمة للأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود ، كما  تعد أبرز المؤسسين لمشروع تنمية الطفولة المستدامة في الأمم المتحدة.

انضمت في العام 1991 إلى 105 من زعماء ونشطاء المجتمع المدني حول العالم لتشكيل اللجنة التنسيقية لتأسيس منظمة دولية من أجل ترسيخ قيم المواطنة والمجتمع المدني في كافة دول العالم، خاصة في بعض المناطق التي تتعرض فيها الديمقراطية والمشاركة وحرية المواطنين في العمل والتعبير للتهديد والتضييق. و تشغل حاليا منصب المدير التنفيذي لمؤسسة مينتور (العربية) وهي تتبع مؤسسة مينتور (العالمية) للوقاية من المخدرات والتي ترأسها الملكة "سيلفيا " ملكة السويد. وقد منحت الكثير من الجوائز العربية والعالمية تقديرا لإسهاماتها في مجالات التنمية في العالم العربي وفي مختلف أنحاء العالم.

لها الكثير من الدراسات والمؤلفات العلمية باللغتين الانجليزية والعربية منها: "تفعيل المجتمع المدني العربي"، ورقة علمية في: تقرير التنمية الانسانية العربية للعام 2002 : خلق الفرص للأجيال القادمة، برنامج الامم المتحدة الانمائي؛ الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي ؛ و برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الامم المتحدة الانمائية، المكتب الاقليمي للدول العربية، برنامج الامم المتحدة الانمائي، 2002 م.

تعرضت السيدة فريدة للكثير من المضايقات من نظام القذافي كي تنخرط في اعمال تحت رعاية عائشة القذافي في الاعوام الأخيرة قبيل الثورة، بالإضافة لتعرض زوجها الدكتور فيصل الزقلعي لمحاولة اغتيال على يد قاتل مأجور في بيتهم في الولايات المتحدة الامريكية بدايات الثمانينات عندما أطلق القذافي حملة للتصفية الجسدية ضد المعارضين الليبيين بالخارج، وقد تسبب اطلاق النار الذي تعرض له الدكتور الزقلعي خسارته إحدى عينيه ، كما دفعت ثمن معارضتها للنظام بحرمانها من تربية ابنتها التى تصادف ان تركتها برعاية والدها ووالدتها أثناء اكمالها لدراستها العليا لنيل درجة الدكتوراه فى الولايات المتحدة الامريكية ومع انخراطها فى أعمال المعارضة بالخارج ، لم يسمح لها نظام القذافى لمدة ست عشر عاما أن تحضر ابنتها لتعيش معها خوفا ً على سلامة اسرتها بليبيا فكانت تلتقى معها مرة فى العام لمدة شهر أثناء اجازة يقضيها والداها فى اوربا مصطحبين الابنة التى كبرت بعيدا عنها كل تلك السنين.

الدكتورة فريدة كانت معارضة منذ عهد المملكة، مقتبسة نهج جدها السيد مفتاح بوعريقيب الذى عُرف كنائب في البرلمان الليبى  بمعارضته للحكومات الليبية، وشدة حرصه على المصلحة العامة، ويصفه الدكتور شكرى السنكى قائلا :" ..كان عريقيب مهتماً بشئون دينه اهتماماً كبيراً.. ومهتماً بشئون النَّاس ومدافعاً صلباً عن مطالبهم.. وكثير الإطلاع والقراءة، تميز بمقدرته في إثراء النقاش وطرح الأسئلة الهامـّة. حمل السّيّد مفتاح عريقيب هموم النَّاس ومطالبهم، وضع عريقيب شكوى المواطنين وتظلّماتهم على سلم أولويات عمله كنائب، وكان من أبرز ممثّلي الشّعب الذين أثاروا تظلّمات المواطنين بشأن أراضيهم المغتصبة من الطليان في البرلمان الجديد". فكانت تنتقد الحكومات الليبية في عهد المملكة  بروح  وعقل شابة تنتمي لجيل طليعي في ليبيا بتلك السنوات، وبعد انقلاب القذافي ومع اكتشافها لحقيقة النظام الجديد تحولت لصفوف المعارضة الشابة أنذاك من طلبة الجامعات الليبية فشاركت مع رفاق لها في تأسيس اتحاد الطلبة الليبي المعارض، ثم التجمع الليبي الديمقراطي كحزب معارض.

ساهمت الدكتورة فريدة مع اندلاع ثورة 17 فبراير في تنظيم المظاهرات والاعتصامات وممارسة الضغوطات على جامعة الدول العربية بشأن قرار الادانة للنظام القذافي، وظلت تجمع التبرعات وتتحدث لوسائل الاعلام للتعريف بالمجلس الوطني الانتقالي في ايامه الاولى معرضة حياتها وحياة أسرتها للخطر.

رغم بلوغها الستين من عمرها لاتزال الدكتورة فريدة في قمة نشاطها وحيويتها  ، تقود مشاريع لصالح الشباب والاطفال والنساء في ليبيا بعد ثورة فبراير، فهي صاحبة خبرة في مجال المجتمع المدني وحقوق الانسان، ولهذا تتمتع برؤية انسانية لتحقيق التواصل بين أبناء الوطن الواحد، كذلك بين مواطني المنطقة العربية ونظرائهم في مناطق أخرى من العالم، وقد أسست مع أخريات المنتدى الليبي للمجتمع المدني بعد ثورة فبراير.

كما عملت الدكتورة فريدة دائما على نشر وتعزيز قسم التسامح والتفاهم والحوار بين مختلف الثقافات والأديان والجماعات المختلفة .

تركز الدكتورة فريدة على أن النقد البناء والفعال هو دور المواطنة الحقيقي، وأهمية دور وسائل الاعلام والقضاء في مواجهة أمراض الناجمة عن نظام فاسد إذ تعتبر بحسب رأيها :" أكبر ضمانة يجب التركيز عليها هي القضاء والإعلام، فإذا تمكنا من خلق سلطة رابعة من الإعلام تراقب وتلاحق وتقيم وتعري وتكشف وتحارب الفساد، نكون قد انجزنا أمراً في غاية الأهمية، وبالطبع سنكون جاهزين لشكر من يحمي ليبيا، ونحن مستعدون لكشف كل من يحاول الاستمرار في الفساد والسرقة ".

 السيدة فريدة انسانة متوازنة وموضوعية في آرائها وافكارها فهي ترفض "فوبيا" وصول التيارات الاسلامية إلى الحكم، كما أنها راضية عن كل من يتسلم الحكم سواء كانت أطرافاً اسلامية أو علمانية شرط أن تجري الانتخابات بشكل ديمقراطي، إذ ترى "أن المهم بأن يشعر المواطن الليبي أن الانتخابات غير مسروقة وغير فاسدة، فالشعب الليبي هو الذي يختار ممثليه، وهو لم يشعر بالحرية والديمقراطية ولم يعبر عن رأيه منذ 42 سنة ".

ولكنها مع التشديد على ضرورة الحوار بين أطياف ومكونات المجتمع الليبي، فهي تنادي دائما  بـ "الحوار سنصل إلى ليبيا المستقبل" ، فهي تقول :" ... ليس لدينا أي مخرج من هذا المأزق الذي نحن فيه إلا بالحوار، هناك تجارب لدولة معقدة، فهناك دول أصعب منا بها طوائف وأحزاب و"تشكيلات " واستطاعت أن تجلس على طاولة وتتحاور".

وان كانت لاتخفي مخاوفها من المرحلة التى وصل إليها المجتمع الليبي من تنامي العنف دون العمل بجدية ومثابرة على جلوس الليبيين للتحاور و التواصل حول مخاوفهم و مايريدون تحقيقه، وترى أن الانانية والغاء جهود وادوار البعض هي عامل مهم في تعطيل او افشال أي مبادرة للحوار الوطني ففي مقابلة صحفية معها في شهر يونيو من عام 2014 تقول :"..إن ما يخيفني في هذه المبادرات هذه ’الأنا’ المتضخمة والجميع يريد أن يتسابق حول من يقول (أنا بدأت ..وأنا من بادرت ..وأنا من فكرت) هذه ’الأنا’ يجب أن نتخلص منها وأن تدفن وأن يتواضع الجميع، فالحوار الوطني والميثاق بدأ منذ سنة 2011 والحوار الوطني بدأ في مصراتة حين تداعت خمسة آلاف منظمة مدنية للحوار – مثلا- لهذا علينا أن نبحث عن الجهود السابقة ونأتي بكل من بدأ في السابق، وأن نضيف لهم كل من بدأ في الحاضر وجمع هذه الأفكار والجهود، إذا كان الجميع يحب ليبيا ويعقل من أجل ليبيا وألا يحب نفسه ويسعى لتلميع نفسه لكي يصل إلى شيء ما ".

وعن رأيها حول دور الشباب في بناء الاوطان فهي تنادي بضرورة اشراكهم بشكل جاد وفعال في تحمل المسئوليات وتقديم الدعم والمساندة لهم "علينا العمل بتفاؤل وأمل وجدية لبناء الجسور المتينة بين مختلف الفئات، من خلال إبراز المواقع الشبابية إلى الأمام، والسير بدقة وتوازن لتحقيق الحلم" .

اتمنى الا ينسى الليبيون وألا يجحدوا ما قدمته الدكتورة فريدة من صورة مشرفة للمرأة الناجحة الليبية ودورها حول العالم في مجالات الطفل والتنمية. إختلاف الأراء والإجتهادات يجب ألا تقودنا إلى الجحود والنكران وعدم التقدير، قليل من الإنصاف في التعامل من مصلحتنا جميعا.

المراجع:
·  - محمد أحمد عبد القادر،مقال" بطالة الشباب بين واقع العجز العربي وإشكالية التمويل الغربي"،منشور على موقع البى بى سى العربى بتاريخ 26 أغسطس 2005.

·  - د.شكرى السنكى من مقال العهد الملكى – رجال حول الملك (9من9) ، منشور على موقع ليبيا المستقبل بتاريخ 1/7/ 2009.

·   - ناصر الدعيسى ، مقال "فريدة العلاقى" منشور على موقع جيل الليبى بتاريخ 19 /2010/5.

·    - ربيعة بن صباح الكواري ، لقاء صحفي بعنوان " عضو مجلس أمناء مؤسسة مينتور العالمية للوقاية من المخدّرات .. المفكرة الليبيـّة د.فريدة العلاقي" منشور بتاريخ  29/7/2011.

·   -  المحرر، مقال "نضال امرأة " منشور بموقع مانشيت،بتاريخ 10 أبريل 2012.

·    - فتحية الجديدى ، لقاء صحفي  بعنوان " الناشطة الحقوقية الليبية* د. فريدة العلاقي لفبراير لابد أن نقوم بثورة فكرية حقيقية " ، منشور على موقع صحيفة فبراير الليبية ، بتاريخ 15 يونيو 2014.
 

الاثنين، 15 سبتمبر 2014

فايسبوك: محكمة قضاتها قساة وجهلة ...



مع انتشار استعمال فايسبوك حلت الأحكام القاطعة محل المفارقات التي كانت تحفل بها المدونات، التي بدورها أحلت المفارقة المبنية كنكتة محل التحليل العميق في الكتب. ومع تفشي إصدار الأحكام تحول كل مستخدم للفايسبوك إلى قاض يصدر أحكاما قاطعة.

 وحتى لو لم يرد مستخدم الفايسبوك أن يكون قاضيا، فإنه يجد نفسه مجبرا على أن يتصرف كنجم أو نبي، يلقي بجملته وتعليقه على الأتباع وينتظر صيحات الإعجاب.
 
هذا العالم لا يكف عن تسهيل الاتصال بين الناس. لكنه على نحو مؤسف يقتل المحادثات ويحل محلها أحكام قضاة جهلة، لا يعرفون من العالم غير سيرهم الشخصية ولا يصدرون أحكاما أقل من الذبح والقتل والتحريق.

الخميس، 4 سبتمبر 2014

عشق الصباح بأنامل رافى شنكر أسطورة الموسيقى الصوفية الهندية..

                     


موسيقى آلة السيتار* الهندية هي من الأنواع الموسيقية التي تلامس الوجدان وتحرك المشاعر بنعومة ... تسمعها فتحس أنها تنقلك إلى مكان وزمان مختلف...فهى موسيقى ذات بعد صوفى ، تأملى ، ينعكس من خلال رنينها النغمى الهادىء...أول مرة سمعت فيها موسيقى رافى شنكر Ravi Shankar (1920- 2012) أسطورة السيتار الهندى كانت منذ سنوات فى صيف لندنى تحت سماء غائمة ، يومها حملتنى أنامل شنكر وهى تعزف آلة السيتار بعيدا عن هذا العالم ، بعيدا عن كل ماكنت فى حينها اقاوم الاستسلام امامه ..

يعتبر رافى شنكر واحد من أهم عازفى آلة السيتار الهندية فى العالم ولد فى العام 1920 وانحدر من عائلة موسيقيين معروفين فى الهند ،وتتلمذ على يد الموسيقار الهندي بابا علاء الدين خان احد مؤسسي الموسيقى الهندية الكلاسيكية، و قدم عرضه الاول فى العام 1939حيث لاقى نجاح كبير للأسلوبه المختلف آنذاك فى العزف على هذه الآلة التقليدية فموسيقاه رغم جذورها التقليدية، الا انها امتازت بروح التجديد والابتكار، مما جعل العروض تنهال عليه لكتابة موسيقى تصويرية  للافلام الوثائقية واغانى الاعمال الاستعراضية والافلام الهندية والعالمية، ولعل موسيقى فيلم غاندى اشهر اعماله فى السينما.

 وقد أسهم شنكر في التعريف بآلته عالميا حيث كانت باريس اول محطات انطلاقته العالمية فى ثلاثينات القرن العشرين حيث قدم عروض موسيقية على آلته التقليدية بمصاحبة عازف الطبلة الهندي باديت شاتور لال .

كما استطاع شنكر تطوير قدرات آلته التقليدية من خلال احتكاكه بتجارب موسيقية مختلفة ومشاركته فى مشاريع  موسيقية عالمية مع عدد من مشاهير الموسيقيين من الشرق والغرب مثل عازف الفيولين الشهير الأمريكي اليهودي مناحين Menuhin الذي التقى مع شنكر في أحدى الحفلات الكبرى في قاعات البرت هول في لندن حيث عزفا سوناتا شهيرة أطلقا عليها اسم ” الشرق يقابل الغرب West meets east ، كما ساهمت جولاته فى اوربا والولايات المتحدة الامريكية فى فترة الستينات لانتشار موسيقاه بشكل اكبر ، جعلت فريق شهير كالبيتلز يدخل نغمات آلة السيتار ضمن أحد اغانيه نورفيجين وود (1967)، بالاضافة الى أداء رافى شنكر على آلة السيتاركونشيرتوا Raga mala مع اوركسترا لندن السمفوني  خلال عقد الثمانيات من القرن الفائت ، و مشاركة عازف الفلوت  الفرنسى جان بيار رمبال  Jean-Pierre Rampal  فى عزف مقطوعة تحمل اسم عشق الصباح  Morning love.

يكاد يكون رافى شنكر اكثر موسيقار هندى نال تكريما ً فى بلده و أنحاء العالم ، كما تحصل على العديد من الجوائز العالمية.

مقطوعة عشق الصباح  Morning loveمن خلالها يمكن أن نلاحظ اسلوب مختلف فى الاداء بين آلة السيتار التى تعتمد على الارتجال فى اوقات كثيرة ،بينما ينحدر عازف الفلوت هذا من تقليد أوروبي يتقيد بحرفية النص الموسيقي، هذه المقطوعة من بين اعمال شنكر المفضلة لدى إذ أحب سماعها مغمضة العينين ، تتسلل الموسيقى للزوايا العميقة من روحى ، فتثير شعور هو مزيج من الحنين والبهجة لأماكن ،وارواح ، وقيم تكاد تُنسى فى عالمنا المادى جداا..

* آلة السيتار وهي آلة وترية تقليدية يعود تاريخ ظهورها الى القرن السادس عشر ، تعود فى اصولها الى بلاد فارس قبل ان يرثها مغول الهند وتصبح احد آلات الاساسية فى موسيقاهم ، وتتكون من سبعة اوتار  الى جانب 13 وترا اضافيا غير ضرورية عند العزف و تستخدم غالبا عند الارتجال و هي شبيهة الشكل بالعود لكنها اكبر حجما و اطول عنقا و عادة يستخدم العازف ريشة معدنية يلبسها على ابهامه و مثل بقية الالآت في  التخت  الهندي يقعد العازف على الارض  متربعا ممسكا بآلته  و ذلك تقليد  لا يزال باقيا عند تقديم العروض الموسيقية او تسجيل المعزوفات .

المراجع:موقع الموسيقارhttp://www.ravishankar.org، وموسوعة الوكيبيديا.

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

ذكري صاحب الابتسامة الودودة والروح الانسانية الراقية المؤرخ محمد الوافى ..

بورتريه للمؤرخ الراحل محمد الوافى

يعد المؤرخ محمد عبدالكريم الوافي من بين أبرز المؤرخين الليبيين الذين ساهموا في إثراء المكتبة الليبية و العربية بمجموعة مؤلفات وترجمات عن الفرنسية  فى مجال التاريخ والفلسفة .

ولد محمد عبدالكريم الوافي عام 1936 بمدينة المرج بالجبل الأخضرحيث تلقى تعليمه الأول فنال الشهادة الابتدائية عام 1952 ، وقد اظهر منذ السنوات الاولى للدراسة الاستعداد والذكاء للتحصيل العلمى،رغم ضيق الحال وانتشار الفقر وعسر المعيشة فى تلك المرحلة من تاريخ ليبيا المعاصر، إلا ان ذلك لم يحول دون ان يتطلع محمد الوافى لمواصلة الدراسة والتحصيل العلمى ، فعزم على الالتحاق بمدرسة بنغازى الثانوية حيث حصل على الشهادة الثانوية فى العام 1957 بتفوق كبير، ثم يلتحق بقسم الفلسفة  بالجامعة الليبية فى بنغازى ، فيتخرج الوافي عام 1961 بتقدير ممتاز ، ليتم تعيينه كمعيد بالقسم ، ثم يتم ايفاده إلى فرنسا لدراسة الفلسفة  خمس سنوات .

 عاد الى ليبيا فى العام 1966 حيث ألتحق بالعمل فى شركة اسو النفطية كمشرف على مجلة الحصاد التى تصدر عنها فى نسختين واحدة عربية والاخرى بالانجليزية .
و فى العام  1970 غادر الوافى الى باريس من أجل مواصلة دراسته العليا فى تخصص التاريخ  ثم عاد إلى الوطن بعد حصوله  عام 1976م على شهادة الدكتوراه في علم التاريخ .

شغل منصب مستشار ثقافي في السفارة الليبية بباريس مابين اعوام 1973 – 1977م ، كما عُين الدكتور الوافى فى العام 1977 كمندوباً عن ليبيا بمنظمة اليونسكو حتى العام 1979م، حيث أتاح له اقامته لفترة طويلة فى باريس التعرف على بعض الشخصيات الثقافية الشهيرة كالفيلسوف جان بول سارتر ، جاك بيرك ، والفيلسوف المصرى عبدالرحمن بدوى ، وعالم الآثار الفرنسى فرانسوا شامو وغيرهم. ، وفى مذكرات الدكتور على فهمى خشيم تناول جانب من حياة الدكتور الوافى وانغماسه فى الحياة الثقافية وقضاء الوافى لمعظم أوقات الفراغ فى زيارات  لمعارض الكتب والمكتبات ومراكز الأرشيف وقاعات عروض الفنون التشكيلية والمتاحف والمسارح و حضور العروض الموسيقية الراقية التى كانت تعج بها الحياة الثقافية والفنية فى باريس فى تلك السنوات.

 رجع الدكتور محمد  إلى طرابلس فى العام 1980 حيث قام بالتدريس بقسم التاريخ بكلية التربية بجامعة طرابلس ، قبل ان ينتقل نهاية الثمانينات إلى قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة بنغازى ليقوم بالتدريس والاشرف على طلبة السنة التمهيدية فى الدراسات العليا في فرعي التاريخ الإسلامي والحديث ، ويشرف على العديد من رسائل جامعية لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه.

  ورغم تقاعد الدكتور الوافى فى العام 1998 لكنه لم ينقطع عن التدريس لطلبة الدراسات العليا ، ومواصلة الاشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه ، كما لم يتوقف او يتكاسل عن القيام بترجمة الكتب التى صدرت حول تاريخ ليبيا القديم فى الفرنسية ، فصدرفى العام 2003  ترجمة كتاب " برقــة في العصر الهلينستي" من العهد الجمهوري حتى ولاية أغسطس من تأليف أندرية لاروند، من منشورات جامعة بنغازى ، وهى آخر اعمال الدكتور الوافى فى مجال الترجمة ، وقد أنفرد بتأليف أربعة كتب بينها كتاب نشر باللغة الفرنسية من مجموع عشرة الكتب . 

و تعتبر كتبه المترجمة عن اللغة الفرنسية من بين أهم الكتب المراجعية  التي أثرت تاريخ ليبيا القديم والحديث بالاضافة لكتابه القيم حول علم التاريخ ، مما ساهم فى تذليل الصعوبات أمام الباحثين والمتخصصين فى التاريخ القديم على وجه الخصوص لمن لايتحدثون الفرنسية .

  كتب من تأليف الدكتور الوافى :

1- أطروحة الدكتوراه بعنوان: شارل فيرو وليبيا من خلال وصف القنصل الفرنسي بطرابلس في القرن السابع عشر 1876م-1884م.( نشرت باللغة الفرنسية).
2- يوسف باشا القرمانلي والحملة الفرنسية على مصــر.
3- منهج البحث في التاريخ والتدوين التاريخي عند العرب.
4-   الطريق إلى لوزان : الخفايا الدبلوماسية والعسكرية للغزو الإيطالي لليبيا.

 الكتب المترجمة :

1-    تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوربا . تأليف بوخينسكي.
2-   من داخل معسكرات الجهاد في ليبيا 1912م. تأليف جورج ريمون.
3-   الحوليات الليبية منذ الفتح العربي حتى الغزو الإيطالي. تأليف شارل فيرو.
4-   الإغريق في برقـــة ، الأسطورة والتاريخ. تأليف فرانسوا شامو.
5-   الحوليات التونسية منذ الفتح العربي حتى احتلال فرنسا للجزائر.تأليف الفونصو روسو.
6-  برقــة في العصر الهلينستي من العهد الجمهوري حتى ولاية أغسطس .تأليف أندرية لاروند.

وحول ضوابط وقواعد الكتابة التاريخية ومناداة البعض بإعادة الكتابة لحوادث وتواريخ ووقائع تاريخية بعيدا ً عن الهوى و التوجهات السياسية فكان له رأيه حول هذا الأمر قائلا :" ..كتابة التاريخ ليست مسألة عاطفية هوجاء ، ولذا فإنه لا بد لمثل هذه الأبحاث من الانطلاق من وقائع تاريخية محددة ، يقوم توثيقها على استقراء مختلف المصادر العربية وغيرها، وإلا فإن إعادة كتابة تاريخنا ستحيد عن هدفها وستصبح مجرد ضرب على طبول جوفاء لن تفضى بنا سوى إلى الإنصات إلى أصداء ممسوخة عن أحداث الماضى". 

لم يكن الدكتور محمد باحثا ومترجما فى مجال التاريخ والفلسفة فقط ، بل رسام صاحب موهبة جميلة غذتها النشأة الاولى فى مسقط رأسه بالمرج حيث الطبيعة الساحرة ، وصقلتها قراءاته فى الادب ومتابعة الفنون بمختلف انواعها خاصة فى فترة اقامته بباريس فى سنوات الستينات والسبعينات من القرن الماضى، وقد قام برسم أغلفة كلا من كتاب الحوليات الليبية ،وكتاب الحوليات التونسية ، وكتاب الإغريق في برقـــة ، كما أشرف على تصميم أغلفة كتبه ، وكان حريص على تزيينها برسومات ولوحات توضيحية .
لم يعُرف عن الدكتور الوافى سعيه لنيل مناصب او وظائف عليا بالنظام السابق ، كان شديد الحرص على الإبتعاد عن كل المغريات التي استهوت غيره فابتعد عنها بنفسه ، وحتى قبوله  بجائزة الفاتح التقديرية بقيمتها المالية الهزيلة 25 ألف دينار من أجل توفير مصاريف لعلاجه فقد عانى الدكتور الوافى من مشاكل صحية طوال الاعوام العشرين الأخيرة فى حياته ، إذ اذكر بأننا فى القسم كان نلاحظ وضعه الصحى الغير مستقر ، مع زهده وابتعاده عن التكالب على تدريس ساعات اضافية خارج الكلية كما يفعل الكثير من الاساتذة الجامعيين فى تلك السنوات ، ربما هذا ماجعله يقبل بتلك الجائزة فى العام 2009 ، وقد جاءت هذه الجائزة بعد ندوة تكريمية يتيمة اقُيمت بمركز الدراسات التاريخية بطرابلس عام 2005 ، ولم يجد انتاج الدكتور الوافى الحفاوة علمية اللائقة بمكانته وقيمته العلمية ، عكس آخرين سُلطت الاضواء على كتبهم بمحتوياتها الهزيلة والرديئة ، فقد كان الدكتور الوافى شديد الحرص على الجمع بين الترجمة الرصينة، والعناية بتحقيقها و تأصيل نصوصها بأمهات المصادر العربية والأجنبية ، كما لم يتوانى عن تصحيح واستدراك ماقصر فى البحث حوله ، فيقول فى مقدمة الطبعة الثانية لكتاب الحوليات الليبية :"... أنني خلوت منذ نشر هذه الترجمة إلى استقصاء المعلومات حول مؤلف " الحوليات  " ونقبت مدة طويلة في مراسلاته المحفوظة بإرشيفات مكتبة وزارة الخارجية الفرنسية في باريس، وذلك بحثا عن إجابات شافية عن تساؤلات عنت لي حول إقامته بطرابلس في أواخر القرن الماضي . وقد قادني ذلك إلى الاطلاع بصبر على معظم تلك المراسلات الخطية المصنفة في ستة مجلدات. ثم جرني هذا الجهد بدوره إلى محاولة التعرف على بقايا نسله وحفدته. وبالفعل، فإن هذا الاهتمام بشخصية المؤلف انتهت في خاتمة المطاف بتعرفي بسيدة فرنسية عجوز تناهز الستين سنة، ما تزال تقطن باريس، كان زوجها المتوفى حفيدا لابن "شارل فيرو"... كما أنني حرصت على اكتشاف قبره، زيادة مني في إحكام التقصي حول هذه ا الشخصية ". 

كان يبذل جهدا ً كبيرا ً فى الترجمة حول تاريخ ليبيا القديم ، إذ اختار ان يقوم بالعمل على مؤلفات فرنسية كُتبت بلغة علمية دقيقة ، عسيرة الفهم ، تحوى نصوص واقتباسات باللغة الإغريقية القديمة وباللغة اللاتينية ، الأمر الذى يجعل فهمها على القارىء العربى صعبة ، موجهة لعلماء الآثار والدراسات القديمة من المتخصصين ، ماجعل من مهمة الترجمة شديدة الصعوبة ، ومنهكة لصحة المترجم ، وقد بذل الدكتور محمد مافى استطاعته كى يقدم لنا ترجمات أمينة على النص الاصلى ، مع الحرص على صياغة سلسة فى العربية لمعانى وكلمات المؤلفات القيمة ، بالاضافة لقيامه بجهد جبار فى تحقيق وشرح متون الكتب وأستكمالها بالعشرات من الحواشى والهوامش زيادة فى  التوضيح ، وبكتابة ترجمات لكثير من الشخصيات وسير حياة وافية لمن يرد ذكره من اعلام اغريق ولاتينيين ، سواء كانوا مؤرخين وشعراء وأدباء وجغرافيين وسياسيين ومسرحيين و رياضيين ، وغيرهم من مؤلفين وبحاث ورحالة فى الفترة الاسلامية او الحديثة وردت اسمائهم واشارات لكتبهم ضمن متون تلك المؤلفات فى التاريخ القديم .

احببت الدكتور محمد الوافى ، وكنت اجد فى حديثه متعة واستفادة كبيرة ، كان من اعظم العلماء الليبيين واكثرهم  تواضعا وثقافة ، هو من شجعنى للالتحاق بتخصص التاريخ القديم ، كان يؤمن بقدراتى ويحفزنى ويخجلنى اهتمامه واطراءه على مستواى العلمى ، واعتبرت الاوقات التى يمنحنى اياه مجيبا ً على اسئلتى واستفساراتى ، منصتا ً لخواطرى وافكارى حول الشأن العام آنذاك  من الاوقات المفيدة..

آخر احاديثنا كانت قبل الثورة بثلاثة اشهر ، كانت تدور حول القذافى ووحشية ودموية حكمه ، وكيف قلب حياة الليبيين رأسا على عقب حيث استغرق الدكتور الوافى فى سرد الكثير من ذكرياته وحوادث خزنتها ذاكرته ، لم نلتقى بعدها حتى قرأت خبر النعى فى خضم الاحتفالات بتحرر العاصمة وبتأبين شهداء الثورة ، فقد رحل الدكتور محمد الوافى صاحب اعظم الكتابات والترجمات فى التاريخ الليبى بعد أن شهد سقوط القذافى وانهيار نظامه توفى يوم 30 اغسطس عام 2011 ...رحل صاحب الابتسامة الودودة والروح الانسانية الراقية...رحيله ذكرنى بوفاة  بابا رحمهما الله...