الخميس، 30 يوليو 2015

الانجليزية سكارلت و رحلة اكتشاف نهاية السيد واي ...

تدور رواية "نهاية السيد واي" للروائية الانجليزية سكارليت توماس حول آرييل مانتو طالبة تعمل على اعداد بحث لنيل درجة الدكتوراه تحت اشراف سول بيرلوم الاستاذ بقسم الادب الانجليزي، الذى يعد بحثًا حول ثوماس لوماس وهو كاتب انجليزي من القرن التاسع عشر تحوم حوله لعنة ، تدفع بالطالبة آرييل للاهتمام بلوماس ولعنته وكتابه الضائع: نهاية السيد واي، الذى لاتتوفر منه سوي نسخة وحيدة محفوظة فى خزانة مصرف فى ألمانيا.
تعثر آرييل على الكتاب عن طريق الصدفة في واحدة من مكتبات لندن الصغيرة، ورغم اكتشافها لفقدان صفحة من الكتاب ، و عدم امتلاكها للمال الكافي لشراء كتب جديدة بثمن مرتفع إلا أنها تقرر استجماع شجاعتها وشراء الكتاب بكل مافى جيبها من مصروفها الشهري ، لتصبح مفلسة حتى اول الشهر المقبل ، مقابل الحصول على الكتاب/ اللعنة .
تنهمك آرييل فى قراءة الكتاب بمجرد وصولها لشقتها رغم تحذيرات استاذها بيرلوم المختفى فى ظروف غامضة ، بأن من يكمل قراءة كتاب "نهاية السيّد واي" سوف يموت ، ونكتشف من خلال القراءة مكمن الخطورة فى "نهاية السيد واي" بإحتواء الكتاب على صفحة لمكونات الخلطة التى تمكن السيد واى من تجربة التربوسفير أى الاستبصار عن بعد حسب التعريف السائد فى الفترة الفيكتورية حيث تدور مغامرة السيد واي .
تكتشف آرييل أن الصفحة المفقودة من الكتاب التى تحتوى على تركيبة الوصفة لاستعمال التروبوسفير ، و تتفاجىء بعثورها عليها محفوظة ضمن احد كتب استاذها بمكتبهم المشترك بالجامعة ، فتجربها ، لتعيش تجربة ولوج عالم التروبوسفير الذى يسمح لها بالتجول فى اللاوعي لدى الفرد ، إذ تدخل الرأس لتكتشف امتلاك المتجول القدرة على التغيير والعبث فى ذلك الرأس .
نجد الراوية عند هذه المرحلة من تجربة آرييل تحولها إلى مطاردة من قبل عملاء استخباراتيين سابقين سبقت لهم تجربة الوصفة وادمانها قبل ايقاف البرنامج ، ممايدفعهم للسعي وراء آرييل للحصول على الكتاب ، تتسارع الاحداث حتى نصل إلى النهاية الغير متوقعة ، تمر خلالها آرييل بسلسة اكتشافات مثيرة ، وتخوض تجارب جديدة ، وتعيش على حافة الخطر بين عالمين احدهم مادي ملموس والأخر لامادي.
***
تقوم الروائية سكارليت بتقديم بطلة روايتها آرييل مانتو من خلال أسلوب سردي مختلف عن السائد فى الروايات العربية ، إذ نتعرف على آرييل الباحثة صاحبة الثقافة الواسعة بين كم هائل من الآراء والنظريات والعلوم كفيزياء الكم، النظرية النسبية، كتلة الروح البشرية ، نظرية الخلق، نظرية التطور، نظرية الوعي، نظرية الإنفجار العظيم و قائمة طويلة من النظريات و الاسماء العلمية الهامة والمؤثرة فى تاريخ العلم تمتد عبر الأربعمئة صفحة .
 كما لاتنسي أن تقدم لنا لمحات مركزة من الحياة الشخصية للبطلة الرئيسية التى نتعرف فى البداية على اهتمامها الرئيسي بالتجارب الفكرية للقرن التاسع عشر ، كما تقضي وقت طويل فى القراءة التى تري فيها حياة حقيقية ، فينعكس ذلك على حياتها الغارقة فى الفوضي ، إذ تعيش في شقة لا تتوفر فيها تدفئة دائمة ، وتسرح الفئران بالمكان ، و تكتفي بالقهوة السوداء و النودلز كوجبات طعام مقابل شراء الكتب.
تمر آرييل بتحولات جذرية فى حياتها الشخصية آثر خوضها مغامرة قراءة كتاب نهاية السيد واي ، فهى تبدو فى الصفحات الأولى للكتاب امرأة تعيش تناقضات كبيرة فى شخصيتها ، بالإضافة  لحالة ضياع ، تغرقها فى علاقات جنسية عابرة ، تتسم بالقذارة .
فى هذا العمل اعتمدت سكارلت على أسلوب معقد وهو كتابة رواية داخل الرواية ، إذ تضع مغامرة السيد واي داخل نص يحكى مغامرة آرييل مانتو حيث يتداخل صوت الراوية آرييل مع صوت الراوي السيد واي فى لغة تعتمد السهل المعقد ، تقترب فيها من تحولها للغة شعرية فى بعض المواضع كقولها :"... أي قطار أستقل؟ رصيف الحزن 1225 رصيف القرف 69 لست واثقة أن بودي ركوب قطار الحزن أو قطار القرف " .
المدهش واللافت لانتباه فى هذه الرواية هو إعادة توظيف الأدب والعلم والخيال فى نص أدبي ، يتكىء على الإثارة التى تتضمن انهيار مباني، مطاردة عملاء استخباراتيين سابقين ، شرب القهوة مع إله فأر يحمل اسم أبولو سمينثوس يمنحها بطاقة تستعملها لطلب العون ،وتسافر عبر الزمن ، وتعبث فى أفكار الآخرين محاولة تغيير الواقع .
***
على حد علمي لاتوجد فى اللغة العربية اعمال لكتاب يستعملون هذا النوع من الكتابة الروائية التى اشتهر بها الإيطالى امبرتو إيكو فى القرن العشرين من الكتاب الأوربيين ، بالإضافة لمجموعة ظهرت فى القرن التاسع عشر كالانجليزي هـ . ج . ويلز، والفرنسي جول فيرن وغيرهم ، والتى تعتمد على مزيج من الكتابة العلمية والمعرفة الموسوعية فى تاريخ العلم و الفلسفة والآداب القديمة وغيرها ضمن قالب أدبي.
***
لايخفي على القارىء الجهد الكبير المبذول من إيمان حرزالله فى ترجمة هذه الرواية الشائكة والصعبة من خلال الهوامش والتعريفات .
 
سكارليت توماس فى رصيدها ثلاث روايات أخرى هى "أشياء صغيرة براقة"، "الخروج"، و"بوب كو"، استطاعت ان تحقق شهرة و تلفت انتباه دور النشر بأرقام مبيعات اعمالها ، مما وضعها في العام 2001 ضمن قائمة"الإندبندنت"لأفضل الكتاب الشباب في انجلترا، تقوم سكارلت فى الوقت الحالي بتدريس الكتابة الإبداعية فى جامعة كنت .

ليل بنغازي (2) ...



غابت الكهرباء مساء هذا اليوم كالعادة لما يزيد عن الست ساعات ، فلم يبقي إمامى من وسيلة تسلية لتمضية باقى الليل ، إلا القراءة خاصة مع توافر كمية مجلات وكتب غير مقروءة او كتب قرأتها ولكنها تصلح للعودة لقراءتها من جديد فى مثل هذه الظروف ، المهم هذا المساء ألتقطت مجلة العربى عدد شهر نوفمبر من عام 2012 إذ اكتشفت أننى لم اقراه حتى اليوم، فتصفحت العناوين التى شادني منها باب "وجها لوجه"  الذي يحاور فيه عماد فؤاد (الشاعر المصري المقيم بهولندا ) الشاعرة النيكاراغوية ذات الأصول الفلسطينية سعاد مرقص فريج حيث يعرفنا بسعاد بإنها الشاعرة التي أحبت ياسر عرفات معترفة بأنه الحب الوحيد في حياتها.

سعاد مرقص فريج، هي ابنة أحد المهاجرين الفلسطينيين في بدايات القرن العشرين. والد جدها لأبيها هو أول من هاجر إلى نيكاراغوا ،وقد تزوج والدها جورج من والدتها ماريا باسيل المنتمية لبيت لحم بفلسطين ، لينجبا خمسة أولاد، ربتهم ماريا وحدها بعد ترملها فى سن الثلاثين ، حيث عملت في محل الأقمشة الذي خلّفه زوجها، كما نجحت في تربية وتعليم أطفالها في تلك الغربة ، وكبرت سعاد على الاستماع لراديو قديم تقول : " كان أبي يستمع إلى إذاعة «البي بي سي» ليعرف أخبار بلاده عبر هذا الراديو، وعبر موجاته عرفت عبد الناصر وعرفات الذي التقيته عام 1980 عندما جاء إلى نيكاراغوا ".

 و شاركت سعاد مع أخيها يعقوب مرقص فريج في الثورة الساندينية، ومن بين المسجونين على يد قوات الديكتاتور سوموسا، كان أخوها الطبيب يعقوب فريج الذي قضى عامان ونصف في سجون سوموسا مع غيره من الثوار العرب أيضا، بعد انتصار الثورة الساندينية التي يتشابك تاريخها مع الثورة الفلسطينية وزيارة عرفات إلى نيكاراغوا عام 1980، سافرت سعاد إلى لبنان للانضمام لثورة وطنها الأم فلسطين الذي طالما حلمت بالذود عنه ، حيث توطدت علاقتها بعرفات خلال العامين التى قضتهما فى بيروت حتى عودتها لنيكاراغوا عام 1982 .

بمساعدة الجوجل عثرت على معلومات اكثر عن حياة هذه الشاعرة و اطلعت على جزء من قصائدها ، كما اكتشفت بأنها والدة الفنانة إلسا باسيل وهى مطربة إرجنتينية تتمتع بشهرة كبيرة فى نيكاراغوا ، كما نجحت فى  التلحين والغناء لمحمود درويش بالأسبانية .

***
كما استمعت هذه الليلة لكتاب صوتي هى مسرحية "الآنسة جوليا" للكاتب السويدي أوغست سترندبرغ (1849- 1912) تتألف من فصل واحد فقط ، ينقسم الى قسمين ، و تجري الأحداث خلال مدة قصيرة لاتتجاوز الليلة وصباح اليوم التالي، أى خلال احتفال بعيد منتصف فصل الصيف وحيث تتركز الأحداث حول  شخصيتين هما: الآنسة جوليا، ابنة الكونت صاحب القصر الذي تدور فيه الأحداث، و جان، خادم الأب، بالإضافة لكريستين الطباخة و خطيبة جان.

نتعرف على غرابة أطوار الآنسة جوليا وحتى قبل دخولها من خلال حوار قصير يدور بين جان وكريستين ، إذ يلفت انتباهما تفضيلها قضاء ليلة العيد بين الخدم والفلاحين ترقص وتلهو معهم بدلاً من مرافقه والدها لزيارة أقاربها، كما يحكى جان لكريستين عن  كره الآنسة جوليا للرجال وتعذيبها لهم من خلال سرد ماشاهده من حرصها على إهانة خطيبها وكيل النيابة بتدريبه في الاسطبل على القفز فوق سوطها، ممايدفعه لكسر السوط و فسخ الخطبة .

في ليلة الاحتفال يتغيب الكونت عن القصر فتجد الأبنة جوليا نفسها فى حالة ضعف نفسى تساعد على خضوعها لاغراء الخادم جان ، فى الوقت الذى يخيل اليها انها هي من يفعل ذلك ، و يكشف جان عن طبيعة خسيسة ، تدفعه لاستغلال ذلك الموقف، إذ ينجح باقناعها بسرقة والدها والهرب معه بعيداً، كي يحقق حلم قديم في أن يصبح صاحب نزل كبير.



 و تمضى باقي المسرحية فى تقديم الحالة النفسية التى وصلت إليها جوليا مع اشراقة شمس الصباح إذ تأرجح بين احتقاره وشعورها بالذنب ، لكنها تتحول لانسانة عاجزة عن اتخاذ قرار تجعلها تستسلم لأى اوامر يلقيها لها جان ،الذي يتخلص من عصفورا يخصها ارادت اصطحابه معها فى رحلة الهرب ، وهذه مايجعلها تطالب جان بأن يقتلها ليخلصها من احتقارها لنفسها لاستسلامها لخادمها ، مع تأزم الوضع بين الاثنين خاصة مع ظهور كريستين الطاهية المتدينه التي تؤمن إيماناً قطعياً بالفوارق الطبقية ، والتى تستهجن سلوك الآنسة جوليا ، في تلك اللحظة تحديدا ً يُلعن عن عودة الكونت الى القصر، فيغير جان من سلوكه الوقح الجرىء ، ليستعيد دوره القديم كخادم ، وتبقي جوليا ضائعة ، مسلوبة الإرادة ، عاجزة عن اتخاذ أى قرار تجاه مستقبلها ، وتنتهى المسرحية القصيرة بقيام الآنسة جوليا بتنفيذ آخر أوامر جان لها .

تعتبر مسرحية "الآنسة جوليا" التى كتبها السويدي أوغست سترندبرغ في العام 1888 ،واحدة من أشهر أعماله ، و يركز سترندبرغ من خلالها على تناول العلاقة بين السادة والخدم  أواخر القرن التاسع عشر ، إذ يطرح تذبذب مكانة الطبقة العليا بالمجتمع السويدى بتلك الفترة ، مقابل طموح الطبقة الفقيرة الممثلة فى الخادم جان من أجل الأرتفاع إلى مستوى اعلى وأفضل ، كما يصور تفسخ القيم والمبادىء لدي الأشخاص المنتمين للطبقة الارستقراطية بالمجتمع السويدي ، وسيطرة العواطف والانفعالات الدنيئة فتنحط بهم إلى ما أسوء مما يشقي به الأشخاص المنتمية للطبقات الفقيرة و المعدمة فى المجتمع .

قام بالترجمة وكتابة المقدمة د.محمد مصطفي بدوي ، قام بتصوير الشخصيات كلا من:  الممثلة القديرة سميحة أيوب ، صلاح منصور ، إحسان شريف ، من إخراج محمود مرسي ، من إنتاج البرنامج الثقافي بالقاهرة ، مدة التسجيل :ساعتين .
 
رابط التحميل : https://archive.org/details/P2-dra-Froeken_Julie
                                                         
                                                              ***                                

أما باقى الليلة فقد قضيتها فى الاستماع لعمل موسيقي هو أكثر أعمال الموسيقار الالمانى (يوهان برامز ) شعبيه وشهره ويُعرف باسم الرقصات المجرية وتضم 21 رقصة مجرية وقد ألفها للبيانو ثم وزعها وقد أصبحت من أشهر الرقصات التي كتبت للأوركسترا، وقد تناول برامز في هذه الرقصات الحاناً فلكلورية مجرية قام بتوزيعها لمجموعة كبيرة من الآلات، ما عدا الرقصات رقم 11 ، 14 ، 16 فقد ألفها بشكل كامل من أفكاره اللحنية الخاصة .

أشهر رقصات برامز هي الرقصة الخامسة التى تحوى على لحنين الاول حزين بطىء والثانى سريع، يعكس اجواء احتفالات الغجر ، وربما ماجعل الكثير من المخرجين يستعملون هذه المقطوعة فى العديد من الافلام إذ اسُتعملت فى فيلم الدكتاتور لتشارلى شابلن.
 
و ارتبطت هذه المعزوفة فى ذاكرتى كطفلة فى التاسعة بذكرياتى مع خالتى ميمى رحمها الله التى رحلت قبل سنوات طويلة فى عام تخرجها من الجامعة ، تلك الخالة الشابة الجميلة المليئة بالحيوية والمرح التى كانت كثيرا ماجعلتنى اقف فوق طاولة مرتفعة مؤدية ماتعملته منها من حركات سريعة على انغام صفيرها للحن الجميل .
 
هنا الرقصة المجرية الخامسة أداء أوركسترا البُولشوي السيمفوني الروسي بقيادة تومومي نيشيموتو.Tomomi Nishimoto - Brahms : Hungarian Dance


الثلاثاء، 28 يوليو 2015

الرموز في الفن والأديان والحياة ...



يتناول كتاب (الرموز : الفن والأديان والحياة) للفرنسي فيليب سيرنج ،وهو لايتضمن دراسة تحليلية فلسفية وعلمية للرموز ولكنه يجمع الكثير من الرموز التى تعارفت عليها البشرية فى مجتمعاتها المختلفة ومقاصدها ، وهى رموز قام المؤلف بجمعها من بيئات  واماكن مختلفة شاهدها ودونها كما هي بحيث يمكن القول ان هذا الكتاب يصلح مرجعا غنية لمعرفة مضمون كثير من الرموز لدي مجتمعات كثيرة .

  ويقول المؤلف أن الرمزية تلاءمت مع مقتضيات الطبيعة البشرية التي هي بأمس الحاجة لأساس حسي كي تسمو بنفسها صوب الأفاق العليا وقد ارتبطت هذه الرمزية في اللغة والكاشفة بان واحد بشكل محكم ودائم بالفن وغالبا ما مارس الفنانون عبقريتهم في تنفيذ الأعمال الرئيسية التي أوحى لها مضمونها الرمزي مرتبطون بالتقاليد أوحتى بالكهنة سواء تعلق ذلك بديانات وثنية أم بالديانات المسيحية .
 
و برأي المؤلف من الصعب تعريف الرمز إذ تختلف تعريفاتها من عصر لأخر ومن بلد لأخر، و أن يورد بعض التعريفات لها :".. وفي هذا الشأن قال مارلو : الرمز هوأن الرمز يعبر عما لايمكن التعبير عنة إلا به ، وفي القرون الوسطى عرفة ايزيدو العقلي /560-636م/بقولة : (الرمز علامة تعطي طريقا للمعرفة) ".

وقد استعمل فرويد وخلفاؤه ومن بعده الرموز لتفسير الوقائع النفسية ، وأن كان المؤلف يشير فى مقدمة كتابه إلى عدم رجوعه الإ فيما ندر الى نفسيرات علم النفس ، وذلك بسبب اختلافات وجهات نظرها .

أفاض المؤلف فى الشرح والتوضيح حول الرموز الاكثر أهمية ، بخاصة تلك التى هى ذات فائدة لمعرفة اعمال الفن والديانات ، ويتناول الكتاب المواضيع التالية : رمزية بشكل متوالى لعالم حيواني ، لعالم بشري، لعالم نباتي ،و لعالم معدنى ،والكونى ثم رمزية الفن الهندسي ، النحت، والالوان واخيرا رمزية العالم المجرد.

يدرس سيرنج فى العالم الحيوانى رمزية الحيوانات الارضية ، ورمزية النوع المجنح ، ثم العالم المائي واخيرا الغيلان .

كما يجرى تمييزا ً بين الحيوانات الارضية للحيوانات الداجنة العليا، او القابلة لتصبح داجنة مثل الثور – والحيوانات العليا المتوحشة والحيوانات الدنيا كالحية .

أما حول النوع المجنح يدرس سيرنج رمزية البيضة ولن يكتفى فى العالم المائى بالاسماك ، وايضا ذات الاثداء البحرية كالحوت والدلفين ، القواقع والمرجانيات والغيلان التى تحيط بعالم الحيوان كالعنقاء والسفنكس وجنية البحر مع مقاربة مع حيوانات تشاطرها الرمزية ذاتها كالقنطورس و التمساح وغيرها.
ويدرس المؤلف فى رمزية العالم النباتى اولا عالم الاشجار ، فيبدأ بشجرة الحياة ثم اشجار الازهار بخاصة الوردة ، وينتهى برمزية الحبوب والثمار و نباتات اخرى .

أما عن رمزية العالم المعدنى سيظهر تباعا : الكون بمعنى المسمى العناصر الاربعة المنشئة للعالم ، نار وماء وارض وهواء والجهات الاصلية والشمس والقمر والكواكب والنجوم.

كما يتتبع سيرنج رمزية الصليب بسبب علاقاته مع العديد من مناطق العالم ، ومع الجهات الاصلية خاصة الشمس.

و يتناول رمزية الهندسة المعمارية بسبب تعقيد رمزية البرج ، الهرم مع الدرج ، الكوخ مع القصر والحديقة مع الباب ، و رمزية الالوان.

يختم الكتاب برمزية العالم المجرد،اسم ، حرف، ارقام ، وبعض الصور الهندسية.

***
بعض الرموز الوادة فى الكتاب مع تفسيراتها :-

الأفعى :
إذا كانت قضية الحياة والموت والبحث عن الخلود قد لازمت النفس البشرية بشكل دائم فقد عولجت بشيء من الفلسفة والسحر الشاعري في اسطورة /جلجامش/ التي هي واحدة من الأعمال في الشرق القديم ,حيث ارتبطت برمزية الثعبان , والقصيدة هي عمل بابلي ترجع نصوصها المعرفة إلى النصف الأول من الألف الثانية قبل المسيح , إلا أنها ذات أصل سومري قديم جداً فالجبار جلجامش بطل يجب أن يكون الكتاب الإغريقي قد استوحوا منه أسطورة /هرقليس/ لأنة قبل ذلك كان قد خنق اسدا وأنجز معجزات مشهودة له خارج البلاد.

الديك :
في الفن المسيحي كان الديك يصور بالقرب من قديس أو يكون هذا الطائر على سبل المثال معلقا على اسطوانة ذلك هو القديس بطرس الذي حصل انكارة للمسيح ثلاث مرات قبل صياح الديك.

الحمامة:
الحمامة رمز السلام منذ مشهد سفينة نوح حيث كانت الحمامة الممسكة بمنقارها غصن الزيتون رسول للسلام وقد تبنى الفن المسيحي في كل أشكاله الحمامة كصورة للقديس التي تتعلق بتمثيل الثالوث المقدس والبشارة وتعميد السيد المسيح.

ولقد أتاح العهد العربي الإسلامي للفنان الفسيفسائي من بعد أن ينهج نهجاً جديداُ يتناسب مع روحة وعقيدته وابتكر نهضة جديدة ذات بهاء متميز وبدا ذلك في قبة الصخرة والجامع الأموي بدمشق.

وكذلك تلك الفسيفساء هي إنجاز فني كبير وإن تأثيرها بالغ الأهمية أيضاً ، فمهمة هذه الفسيفساء الأولى كانت إشباع الرغبات الدينية والجمالية الأخلاقية ، واستهواء العرب وغيرهم من المسلمين الجدد وهذا الاقتصار على استعمال الأشكال النباتية يكشف عن توافق مع الفن الإسلامي ، ومن ثما نحا منحاً سريعا نحو الزوال إذا كاد الفن أن ينعدم لولا بعض اللوحات الجدارية التي نفذت في المدرسة الظاهرة بدمشق إبان العهد الملكي.

***
الكتاب شيق ، استخدم المؤلف أسلوب سلس ، و مختصر ، ومركز ، يظهر مدى مابذله من جهد كبير فى الجمع والمقارنة و وضع تفسيرات مفيدة ، تساعد الباحثين او المهتمين بهذا النوع من المواضيع من أجل التوسع فى الابحاث حول الرموز الواردة فى الكتاب .

تصل عدد صفحات الكتاب إلى 502  صفحة، يحتوى على  مقدمة للمترجم وهو المحامى عبدالهادي عباس ، بالاضافة لمقدمة المؤلف سيرنج ، وتقديم بقلم العالم الفرنسي رينيه لويس ، ولا خاتمة، ولا فهارس هجائية للأعلام أو للألفاظ، ولا حتى قائمة للمراجع التى وُضع لها ارقام كما فى النص الفرنسي دون ان يتم ترجمة الهوامش و تثبيت المراجع والمصادر التى اعتمد عليها مؤلف الكتاب سيرنج ، وربما عدم تخصص المترجم حال دون ان تستوفى الترجمة جودتها ودقتها فى موضوع شائك وصعب .
***
مؤلف الكتاب هو استاذ فى كلية الطب فى جامعة باريس ، كرس نفسه لدراسة الفنون والعلوم الدينية والرمزية ، إذ لم يكن إلا باحث غير متخصص ولكنه تابع دروس فى جامعة السربون و مؤسسة الفن والآثار ، ومدرسة اللوفر ، كما زار الكثير من المكتبات والمتاحف ، وأضبح عضو فى الجمعية الوطنية للآثار القديمة الفرنسية ، وجمعية الدراسات الاوربية الاسيوية .