الأربعاء، 8 يوليو 2009

حيرة

هل أقارنك بيوم من أيام الصيف
أنت أجمل وأكثر اعتدالا وثباتا ً..
فبفعل الرياح قد تتساقط براعم الصيف
وأيام الصيف نفسها ليست دائما صيفا ً
ولكن صيفك الدائم أبدا ً لن يزول
ولن يفقد ماله من عذوبة وجمال...

وسط هذا الهدوء الشامل الذى يلف المكان فى هذه الساعات المتأخرة من الليل جلست لأتحدث إليك وضوء القمر يتسلل من نافذتى ، النسيم يداعب أطرافى والنجوم تتلألأ فى جوف السماء وصوت سعاد ماسى الدافىء يؤنس وحدتى ، حاولت البحث عن كلمات التى تليق بك فما أعانونى لأن فى مثل هذه اللحظات يأتى كل شىء وتفر الكلمات قبل كتابتها لأنها قطعا ً ستكون صادقة فمثل هذه اللحظات قليلة جدا ً فى حياة الانسان التى يخرج فيها من عالمه الأرضى ويحلق فى عوالم سحرية أخرى ، والطائر السجين يتحرر من سجنه والقلم المقيد يفُك آسره والكلمات تعود لها الروح بعد إجازة قصيرة ، او محاولة توقف عن كتابة رسالة جديدة فى منتصف الشهر القمرى حيث تكون حالتى كحالة مستذئبة تقتات على رائحة الذكريات ..لم اقدر ان اتوقف عن التفكير فيك ، لأنك موجود فى كل تفاصيل حياتى ، كم كنت اتمنى لو لم تكن رائعا ً هكذا ...لقد سرقت اغفاءة قلبى ، أحاول ان اتأقلم مع فكرة البعد والتوقف عن الحنين والتوقف عن ارهاق نفسى بعاطفة راقية ،تسبب الالم لروحى الا ان الامر صار اصعب ، لانى صرت احلم بعيناك المملؤتان وجعا ًودهشة فى النهار... يوم امس رغم كل الارهاق فى نهارى وانشغالاتى بامور كثيرة الا انه ظل هناك فسحة فى عقلى ترفض الاستسلام لسلطان النوم والابتعاد عن التفكير فيك ، كانت عيناى تعانقا شعاع القمر الفضى وهو يتسلل لغرفتى ويضىء المكان . كانت اتتبع اين تنتهى نظراتى الحائرة . واقفة عند ارفف كتبى . قررت اليوم ان اعيد ترتيب غرفتى لكى اتخلص من افكارى الليلية عنك ابعدت كتبى التى تحمل اسمك ، وضعتها على رف خلف ظهرى وجلست لاكتب مساءً ، ثم عدت ونقلتها الى غرفتى فى الطابق الرابع ، الى ابعد نقطة يمكننى ان اجد صعوبة فى الاستيقاظ والحملقة فيها ليلا ، وقبل ان تمر ساعة عدت وارجعتهن لانى احسست غرفتى غريبة وفارغة بدون اسمك ، اعدتها على الرف امامى واستسلمت لها ولكتابة رسالة اخرى قائلة بينى وبين نفسى ربما ستصل وتقرأ مابين الاسطر من الم حقيقى زاده توقفى عن تعاطى دوائى المسكن لالم الجسد والعقل فى فترة سابقة ...الاسبوع القادم سأبدا اخر مرحلة علاج سأحتاج فيها الى كل قوتى وتفاؤلى لاكمال العلاج ، ربما فى طريقى سأزور المدينة الوردية المتكئة على حافة البحر حيث كنا سنسكن ذات مرة ، واعرج على بيت القنصل ....

الاثنين، 6 يوليو 2009

الدلفين صديق البحارة ..صديقى

بعد غياب سبع سنوات وصلت صديقة طفولتى رندا الى بنغازى لزيارة من بقى من افراد عائلتها ...رندا كانت رفيقتى المفضلة فى البلاد وخارج البلاد ايضا ، فأسرتينا مرتبطتان ببعض بروابط الصداقة والعمل منذ سنوات طويلة،وكذلك الاغتراب فهم جيراننا فى لندن ، تزوجت منذ 13عام من مهندس ليبى تعرفت عليه صارت ترافقه من مكان لاخر ، ظلت المراسلات بيننا بكل وسيلة متاحة لتبادل الاخبار والحكايات ، لا استطيع ان اصف مدى سعادتى بلقاءها بعد كل الوقت ...جلبت لى رندا هدية لطيفة كانت عبارة عن مجموعة دلافين زجاجية زرقاء تعلق على حامل ، هى تعرف كم احب هذا الحيوان البحرى اللطيف منذ كنت فى سن صغيرة ، فمازالت اول مرة اصطحبتنى فيها خالتى ميمى رحمها الله الى عرض للدلافين مقام فى حديقة الحيوانات بلندن ،كنت فى التاسعة من عمرى ، جلسنا نراقبها وهى تتحرك فى الماء وتؤدى رقصات غاية فى الطرافة والجمال ، فى نهاية العرض سمُح لنا بالاقتراب من اصغر الدلالفين الموجودة فى الحوض للمس جلدها ، مازالت اتذكر حتى اليوم هذه اللحظة ...
ربما كان حب من النظرة الاولى فصرت اتردد مرارا وتكرارا ً ، واصبح لدى ولع غريب باقتناء العاب على شكل الدلفين ، واغراض تذكارية تحمل شعار او رسمة لهذا الحيوان البحرى ...فصرت معروفة لدى افراد عائلتى بهذا الامر ، لدرجة ان واحدة من حفيدات عماتى "جوجو" اهدتنى حلية من الفضة على شكل دلفين صغير يقفز من وسط مرساة عندما نلت درجتى العلمية الاولى ... من يدخل لغرفتى سيجد اشكال وانواع لدلافين الدنيا ...عندما اخترت موضوع لكتابة بحث لنيل درجة الماجستير فضلت الكتابة فى موضوع انا احبه كثيرا ،وهو عن آثار ما تحت الماء ، قلت المهم ان اكون قريبة من عالم البحر وخلاص، فى سنوات دراستى كنت اكتشف المزيد عن هذا الحيوان اللطيف المحبوب منذ اقدم الازمنة لدى البحارة الذين اعتبروه صديقهم وفأل طيب يبشر بسلامة الوصول ..
الدلافين من الحيوانات المائية الثديية تعيش فى البحار والمحيطات عدا البحار القطبية، لكنه نادراً ما يقترب من الشواطىء أو من المياه الضحلة وهى تحيا ضمن قطعانٍ يصل عدد أفرادها إلى 12 دلفيناً، وقد يتجاوز عددها المئات في بعض الأماكن. وعادة ما يكون الذكر أكبر قليلاً من الأنثى وهذا الجنس ينقسم إلى أجناس فرعية توجد في البحار والمحيطات المختلفة، وبحسب البيئة والموقع الجغرافي يختلف اللون والحجم. يحل موسم المعاشرة في الصيف والخريف، وتدوم فترة الحمل حوالي 11 شهراً، ترضعه لمدة سنة واحدة ، وعادةً ما تصبح الدلفين بالغة تمام النضج الجنسي بعد 3 أو 4 سنوات من ولادتها وهي تعيش بين 25 و 30 سنة. ويقتات الدلفين بالأسماك والحبار،و ترافق السفن ولا تتخلف عنها ويمكنها القيام بكثير من الألعاب فهي تقفز إلى خارج الماء بمهارة، كما يمكنها أن تسبح بسرعة تصل إلى 14 عقدة في الساعة ،و يهاجر بشكل مستمر فيهاجر من البحر الأبيض المتوسط إلى شواطىء أميركا ويعود إلى المكان نفسه متبعاً جولة دائرية ،يمكن للأفراد الاتصال والتخاطب مع بعضهم باستخدام صدى الصوت لتحديد المواقع. يتميز أعضاء الفصيلة بالذكاء، المرونة، والقدرة على التكيف على المواقف المختلفة،وتكون هذه المجتمعات تعاونية، مما يشكل أسلوباً دفاعياً قوياً، فمثلاً يمكن لمجموعة من الدلافين قتل سمكة قرش وحماية البقية من الخطر، كما قد يعتني بعض الأفراد بفرد مريض أو جريح...
وكثيرا ما قرأت عن اساطير عن بحارة او مسافرين يلقى بهم او يغرقون فى الماء وينقذهم دلفين ، ففى مدينة تارنت بجزيرة صقلية وجُدت نقود ضُرب عليها رسم دلفين ربما لوجود اسطورة تتحدث عن انقاذ دلفين لمؤسس هذه المدينة ، كما ان الشاعر الغنائى آريون الذى كان يعيش فى ليسبوس مطلع القرن السادس ق.م . كان يجذب بانغام مزماره الدلالفين المتعطشة للنغم ،و التى ساعدته على الهرب على ظهرها عندحصاره من قبل اعداءه ..
كما وجدت ايسوب الحكيم الاغريقى الاسطورى يحيك قصص وحكايات يلعب فيها هذا الحيوان دورا مؤثرا ً، وغالبا ً ما كان يمثل الدلفين فى العصور الاغريقية والرومانية على الفسيفساء وعلى قناديل من الطين المشوى ، والبرونز ، وعلى العملات الفضية وكل ذلك فى اطار موضوعات بحرية ..ويظهر على نبع بالازونيشيو بمدينة فلورنسا الايطالية من عمل النحات الايطالى ماركو فيروشيو .
كما نجد هذا الحيوان يظهر فى احد اساطير الاله الاغريقى ابوللو ، حيث ساعده على الانتقال الى اقصى المكان الذى سيسمى دلفى حيث مقر كاهنة التنبؤات الشهيرة.. .ومن جهة أخرى يشكل الدلفين جزءا ً مألوفا من موكب افروديت ربة الجمال والخصب عند الاغريق ، فيظهر وقد امتطاه طفل مجنح هو ايروس نصير العشاق...اما فى قرطاجة فكان الدلفين يظهر على امواس الحلاقة وقطع العاج الجنائزية وعلى الانصاب الجنائزية للقرطاجيين حيث يرمز الى الخلود ، والى دوره كناقل للأموات إلى جزر السعداء ..كما يظهر فى الاساطير الهندية وصورته الاعمال الفنية هناك ممتطية ظهره الالهة جايا .


أما فى الفترة المسيحية فأن الدلفين ارتبط مع السمك وهو رمز مسيحى هام ، فجُعل منه رمز المنقذ اما لوحده و اما بمشاركة مرساة بحرية فالدلفين المحيط حول المرساة هو عندئذ صورة المسيح على الصليب ..فى مدينة بنغازى كانت تشُاهد الدلافين على شاطىء جليانا وفى كثيرا ً من الاحيان كانت تدخل الى بحيرة العوينات (البحيرة الرياضية حاليا ً) حسب ما يذكره بعض كبار السن من البناغزة ، الذين يسمونها بالدنفير..اصبح الدلفين بطل لبعض الاعمال التلفزيونية والسينما ولعل احدثها Eye of the Dolphin ...بعد هذا كله اليس جديرا ً بأن يُحب من البحارة ومنى ..