الاثنين، 16 يوليو 2012

قليلا من الاحترام كثيرا من الفوضى والفضائح ..





(المليارات لم تخلق بشراً طوال عمرها، ولن تخلق بشرا، وهذه ميزة للبلد واهله، على ما فينا من اخطاء وعلل، فقد انتج الفقر شعبا محترما متعلما، فيما غيرنا لم يؤثر المال في حياته، الا عبر تورم ذاته السيئة والجاهلة والعنترية).


الاقتباس اعلاه من مقال للكاتب الاردنى (ماهر ابو طير) بصحيفة الدستور معلقا على احداث الشغب لمتدربين ليبيين بالاردن تم ابتعاثهم لاكاديمية الشرطة الاردنية للحصول على تدريبات مكثفة لاكثر من 1100 شاب ليبى من حملة المؤهلات المتوسطة والاقل تعليما ، بناءً على قرار الايفاد الذى اصدره وزير الداخلية (فوزى عبدالعال) الذى اثبت فشله وعدم جدارته لتبوء منصبه الوزارى ، كم شعرت خلال الشهور الماضية بالخجل من السمعة السيئة التى اكتسبها الليبيين المقيمين فى الاردن سواء من جرحى المعارك او من المرضى الذين هبطوا على الاردن كالجراد يدمرون ويتلفون كل شىء امامهم ايام وزارة د.ناجى بركات المكلف بالملف الصحى بالمكتب التنفيذى والذى لم ينجح فى ضبط الامور ووضعها فى نصابها الصحيح ، بل تفشى الفساد والمحسوبية فى هذا الموضوع اى ارسال جرحى ومعاقى الحرب المستحقين للعلاج بالاردن فقد اُتخمنا طوال شهور الثورة والحرب بقصص عن مرضى ليبيين يشتكون من اللوزتين او مشاكل الصلع والعقم تمت معالجتها على حساب المجلس الانتقالى فى اصعب ايام الحرب ، ليتطور الوضع الى ارسال عجائز ليزلن اوشامهن او نساء وفتيات ليجرين عمليات تكبير للصدر او نفخ للخدود وكل يوم صرن نسمع عن حكايات تنضح بالفساد والعقلية الارتزاقية الجاهلية التى كرسها المقبور عبر ابتداع طرق واساليب لجعل المواطن الليبى يعود بسرعة الضوء الى عصور ماقبل التاريخ من خلال اكتساب سلوكيات وتصرفات وانماط تفكير همجية  خالية من روح المدنية الحديثة .


والآن اتفاجىء بوجود هذا العدد الكبير من المتدربين من سلك الشرطة  والمشاكل التى قرأت عنها من باقى الليبيين المتواجدين بالاردن لاسباب مختلفة ، الم يكن من الاجدى والاقل كلفة اقامة برامج لتدريب هذا العدد الكبير بالداخل الليبى والاستعانة بالخبرات التدريبية للدول الصديقة والشقيقة وتوفير المبالغ الضخمة المرصودة لمثل هذه البرامج التدريبية التى تتضمن تكاليف السفر والاقامة والدراسة ، بالاضافة لمنع حدوث مثل هذه الفضائح التى اعتدناها بالداخل الليبى خلال عقود المقبور حيث كان يسمح بحصول مثل هذه التجاوزات للتنفيس عن غضب الشعب المكبوت دون ان يسمح ان تخرج الامور عن حدود السيطرة او الاخلال بالامن الداخلى لنظامه ،والموجع اكثر هو معرفة الاسباب السخيفة وراء قيام مثل هذه المشاكل فقد ذكر احد المتدربين الليبيين المرحلين من الاردن لوكالة أنباء التضامن الليبية ( بأن  سبب المشكلة أصلا كان مجرد مشادة كلامية بين المتدربين الذين ينتمون إلى مناطق مختلفة من ليبيا؛ الأمر الذي أدى إلى قيام أحدهم بإشعال النار في المبيت الخاص بالآخرين، مما جعل الطرف الآخر يقوم بالرد بالمثل وإشعال المزيد من الحرائق). الا يبعث هذا السلوك السىء ممن يفترض فيهم ان يقوموا على توفير الامن والامان للمواطن الليبى الا يبعث على التساؤل حول جدوى ارسالهم اذا كانوا يتمتعون بسلوك غاية فى السوء واخلاق متدنية مالذى سنستفيده من تدريبهم ، واى فوضى قد ينشرونها فى طول البلاد وعرضها مستقبلا فى حالة خرجت الامور عن طبيعتها، هل يمكن ان نثق فى اولئك المتدربين وفى قدرتهم على فرض النظام والانضباط وهم لا يتوفرون على اقل قدر منه .


لا استطيع ان الوم اى كاتب او مواطن اردنى يشتم الليبيين او يخرج عن طوره فالذى اعرفه عن هذا الشعب العربى هو طيب اصله ، وكرم اخلاقه ، فصحيفة اخبار الاردن وصفت الليبيين المبتعثين للتدريب باكاديمية الشرطة الاردنية (بالجرذان) بعد قيامهم باحراق المهاجع ومبانى بالاكاديمية بالاضافة للاشتباك مع الشرطة الاردنية ، سبقها مشاكل كبيرة بهذا البلد الهادىء طوال الشهور الماضية من عام 2011 وبداية عام 2012، فقد سبق لبعض المواطنيين الليبيين السكارى القيام بمظاهرة هتفوا فيها ضد الملك الاردنى، مع تصرفاتهم بروح الامبالاة والفوضى وعدم احترام قوانين البلد فى استخدام الفنادق او المستشفيات او الاماكن العام فالشعب الاردنى لايستحق منا الحاق الاذى بهم ، بل يجب علينا اظهارالاحترام والتقدير لمواقفهم من ثورتنا وشعبنا ، فمنذ الاشهر الاولى للثورة الليبية اى عقب اعتراف الاردن بالمجلس الانتقالى كممثل شرعى ووحيد للشعب الليبى في الرابع والعشرين من شهر مايو2011، ساهمت الاردن فى دعم الجهد العسكرى للمقاتلين الليبيين وحماية الشعب الليبى عبر المشاركة فى الحملة الجوية لفرض الحظرعلى نظام المقبور، وسعت الحكومة الاردنية والملك الاردنى لاستقبال جرحى المعارك الشرسة بين الثوار وكتائب المقبور، وتقديم اول مستشفى ميدانى لعلاج الجرحى بالاضافة للمساعدات الانسانية الاخرى رغم الامكانيات المتواضعة للاردن ، تصرفات الليبيين بالاردن لاتعكس الا عقلية قذافية متجذرة فى التعامل  مع الاخرين من منطق دفع فواتير باهضة مقابل سلوكيات سيئة كثيرا ما طبعت حياة اولاد المقبور فى اوربا وباقى انحاء العالم .


ارى ان فضائح الليبيين ومشاكلهم (جرحى ومرضى) ليس فى الاردن فقط ، بل وفى كل مكان ذهبوا اليه تعكس ازمة اخلاقية وتربوية نعانى منها نتيجة لسياسة التجهيل وتكريس الفوضى والهمجية طوال العقود الماضية حان الوقت لمعالجتها  بشكل مركز لتلافى ماتبقى من سمعة ليبيا الجديدة ، وعلى الحكومة المنتخبة ان تضع هذا الامر نصب اعينها وتحاول ان تعالج هذه الازمة الاخلاقية التربوية التعليمية الخطيرة، كما ان ابناء الشعب من مثقفين واخصائيين اجتماعيين ونفسيين ومعلمين ووعاظ مساجد و بحاث اكاديميين فى التربية عليهم التكاثف لوضع خطط ضمن مؤسسات المجتمع المدنى للمساهمة فى حل هذه الازمة .