الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

كتاب "فراشات تبحث عن أجنحة " و الدور الذى يلعبه المعلمون فى حياة الأطفال



أرادت "شاري" المعلمة الامريكية للصف الأول في لوتون،أن تقوم بشيء مختلف مع طلابها في اليوم الأخير من المدرسة ، فجاءت مرتدية فستان أبيض وطلبت من طلابها الذين أطلقت عليهم اسم “Precious Picassos” أن يرسموا على الفستان ، كي تحصل منهم على تذكار سيبقى معها دائما .

تصرف شاري جميل ومُلهم قد يدفع البعض فى عالمنا العربي للتساؤل بحسرة عن افتقاد مدارسنا لوجود مثل هذه المعلمة ، خاصة مع تزايد الاخبار فى السنوات الأخيرة الراصد لاعمال عنف قام بها بعض المعلمين والمعلمات ضد تلاميذهم ، بعضهم لايزال فى المرحلة الابتدائية او مادونها .

ربما تبدو الصورة مظلمة كثيرا فى عالمنا العربى ، لكون الاعلام أصبح يركز على اخبار سلبية اكثر من ان يقدم صورة متوازنة لما يجري حقيقة بالواقع الذى يدهشنا فى أوقات كثيرة بنماذج وقصص وشخصيات جميلة لايُسلط عليها الضوء كفاية ، ولا نكاد نراهم ونتعرف على افكارهم ومشاريعهم إلا من خلال عالم الانترنت ، و بالمدونات وشبكات التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص . 

خلال الشهور الماضية تابعت أنشطة تقوم بها "إلهام مزيود " وهى معلمة جزائرية شابة تدرس اللغة الفرنسية لأولاد الصف الخامس بالمرحلة الابتدائية بأحد مدارس مليله الجزائرية ،إذ كانت تشاركنا أى نحن اصدقائها الافتراضيين بمشاريعها مع تلاميذها الصغار التى تقوم بها بمنتهي الحماس والحب والرغبة الصادقة فى العطاء .
 أشاعت "إلهام مزيود" جو من السعادة والفرح في البيئة التعليمية التى تعمل بها، حيث أشعرت كل طفل فيها أنه مميز ، كما ساهمت فى دفعهم للقراءة والكتابة ، وشجعتها على نظم الشعر ، رغم بساطة تعابيرهم و كلماتهم الطفولية حيث حرصت على التأكيد لهم من خلال الاقوال والافعال بأنها تثق فى قدرتهم ، دافعة اياهم لاكتشاف مواهبهم ، فكانت ثمرة تدريس وانشطة العام الدراسى 2016 ، كتاب صغير بعنوان " فراشات تبحث عن أجنحة " يضم نصوص شعرية وخواطر لأطفال لم تتجاوز أعمارهم الحادية عشر ، تنوعت مواضيع النصوص بين المدرسة ، والأم ، والريف ، والوطن ، و المعلمة ، الكتب ، فى كلمات بسيطة ، ومباشرة ، لكنها مؤثرة للعفوية والبراءة فى طريقة تعبير الاولاد الصغار عن مشاعرهم وافكارهم ،و بعض مادونته أناملهم الصغيرة تعابير تعكس أرواح وعقول واعدة فمثلا كتبت التلميذة نهاد زغمار : "أنا أطالع دائما حتى أصبحت المطالعة دماً فى عروقي " .

تقول إلهام عن التفكير فى جمع ماكتبه تلاميذها بدأ من قيام تلميذتها أميمة باهدائها قصيدة "معلمتي " إذ فكرت فى كيفية الحفاظ على هذه الروح لدي الاولاد كذكري تُلهمهم مستقبلا ً  : " أردنا أن نحتفظ لهم بذكرى يلجئون إليها يوما ما ليشعروا بالفخر ، وهم يرددون ، من هنا فردنا أجنحتنا وحلّقنا، وهنا وضعنا بصمتنا ورسمنا قوس قزح غلّف براءتنا..." .

فرأت أن تجمع قصاصاتهم الصغيرة فى كتاب الكتروني لايتجاوز عدد صفحاته 54 صفحة، تضمن مقدمة مكتوبة من مدير المدرسة ، وتقديم قصير من معلمة اللغة العربية لأولئك الاولاد ، و فى خاتمة الكتاب الصغير تضمن تعليقات لطيفة ومشجعة من كتاب جزائريين وعرب حول محتوي الكتاب .

لاشك أن اهتمام ألهام مزيود بهذا الجانب لدي الأولاد يدخل ضمن التعليم الناجح ، فحب التلاميذ ومساعدتهم على التعرف على قدراتهم واطلاق طاقاتهم ، قد يغير فى مستقبلهم ، ومن يدري ربما هذا التشجيع يؤتي بثماره مستقبلا فيظهر من بين هذه الأسماء شاعر أو شاعرة يترك بصمته فى الشعر بالجزائر وبالعالم العربى .