الاثنين، 30 يونيو 2014

نساء ليبيا المدهشات ..



اليوم الأول من شهر رمضان يوافق التاسع والعشرون من شهر يونيو وهو اليوم الذى يصادف الذكرى الـ" 18" للمذبحة التي راح ضحيتها نحو 1269 معتقل من سجناء الرأي ليلة 29 يونيو من سنة  1996 والتى اشتهرت باسم مذبحة سجن  بوسليم ، الواقع إلى الجنوب الغربى من العاصمة طرابلس ، قُتلوا ذلك اليوم وتلك الليلة لأنهم طالبوا بتحسين أوضاعهم المزرية في السجن .


كانت أكبر مجزرة جماعية ارتكبها نظام القذافى بحق سجناء سياسيين فى مرة واحدة  ، وظل لسنوات يرفض الاعتراف بتلك الجريمة المروعة حتى انتصاف الالفية الجديدة بدأ نظام القذافى بتسريب اسماء لسجناء قتُلوا ذلك اليوم و تلك الليلة ، وابلاغ أهاليهم واسرهم عن الوفاة دون ذكر الاسباب المؤدية لذلك أو حتى منحهم شهادة وفاة تحمل السبب الحقيقى للموت ، هذا الأمر الذى سبب حنقة وغضب لدى أسر الضحايا ، ومع تزايد الضغوطات على نظام القذافى من قبل المجتمع الدولى أنذاك ، سعى لاقفال هذا الملف بكافة السبل والطرق ملوحا بالتهديد مرة ، وبالاغراء مرة اخرى ، فعرض نظام القذافى  على أهالي الضحايا تعويضات تقدر بـ120 ألف دينار ليبي (98 ألف دولار) للأعزب، و130 ألف دينار (106 آلاف دولار) للمتزوج، مقابل التوقيع على تعهد بعدم مقاضاة أجهزة الدولة في الداخل والخارج.


لكن الأهالي تمسكوا بحقهم في معرفة ما جرى في السجن وأماكن دفن القتلى ومعاقبة المسؤولين، فقاموا بتكوين رابطة للأهالى السجناء وبدأوا ينظمون وقفات اجتجاجية مابين اعوام 2007 وحتى اندلاع الثورة ، لم يشارك فيها إلا اعداد قليلة معروفة ، وكن الامهات و الزوجات والاخوات و القريبات هن الابرز فى هذه الوقفات الاحتجاجية بميدان الشجرة بقلب مدينة بنغازى معيدات للأذهان ذكرى امهات ساحة مايو بالارجنتين ، خرجت النساء  في شجاعة كبيرة لمجابهة القذافى وأجهزته الأمنية الدموية ، بعد سنوات طويلة من الترقب و القلق والقلوب يعتصرها الألم والمعاناة ، وتعالت أصواتهن، هاتفات : (نحنا ما نبوش فلوس ... نبو قطاعين الروس)، ( ان شاء الله ياقتال ضنانا لادفان ولاجبانة ) الأخيرة تحققت فقد قتُل القذافى ولم يدفن فى مقبرة او قبر معلوم ، بل فى مكان مجهول وقبر غير معلوم .

استمرت تلك الوقفات حتى اندلاع الثورة ، وكانت نساء رابطة ضحايا بوسليم هن موقدات الثورة الليبية ، إذ سارعن للوقوف مع احد محامى الرابطة وهو الاستاذ فتحى تربل الذى اعُتقل يوم 15 فبراير عام 2011 فى اجراء وقائى من النظام لادراك القذافى لدرجة الغليان التى أصبحت تقف عندها البلد والشعب المحتقن ، ورغم ذلك لم يحل دون ان يخرج أهالى الضحايا منددين باعتقاله لتصبح الشرارة الأولى للثورة فى ليبيا ضد القذافى . 


خلال الاعوام التى تأسست فيها رابطة اهالى ضحايا المذبحة ، ظهرت الكثير من المواد المسجلة لشهادات و احاديث وقصائد حول أولئك السجناء من نواحى قانونية وحقوقية او انسانية ، ولعل واحدة من أشهر تلك المواد المتداولة شفهيا بين الناس ، وكفيديو عبر اليوتيوب ، القصيدة التى أرتجلتها الحاجة (حمّاله بلقاسم الشيخي) فى رثاء ابنيها ابريك وسالم .


كانت حمّاله الشيخي المولودة فى العام 1918 فى مدينة أجدابيا ، سيدة ليبية تعيش حياة عادية وهادئة لها صفات كل أم بحنانها وطيبتها، تحملت الكثير فى ليبيا الثمانينات التى تعُتبر من السنوات العجاف فى تاريخ ليبيا المعاصر ، فسعت لتربية أبنائها أحسن تربية رغم كل الظروف الصعبة أنذاك ، ولكن القذافى لم ينسى أن يترك بصمته الدموية على حياة وأسرة الحاجة حمّاله ، فألقى فى عام 1989 القبض على ابنها سالم الضابط في الجيش الليبي آنذاك، وهو بعمر السادسة والعشرين ، شخص هادىء ، ومعتدل ، أب لرضيع لايتجاوز عمره أربعة أشهر ، وقد مر نصف العام قبل ان تعثر اسرته على معلومة تقودهم لمكانه بسجن بوسليم  فكانت أول زيارة لاتتجاوز الربع ساعة ، لتبدأ معاناة الحاجة حمّاله فى السفر مرة كل 3اشهر لمقابلة ابنها فى السجن بعد ان سمحوا لهم بذلك قاطعة ألف كليومتر هى المسافة بين أجدابيا و طرابلس حيث يقع السجن ، كانت تتكبد العناء والمشقة ، صابرة على اختبارها الرهيب وكأن والداها سمياها حمّاله مستبصرين شىء من مستقبلها ومصير ابنائها فى ظل نظام دكتاتور كالقذافى الذى أحال حياة أولئك السجناء وأهاليهم لجحيم ، كما أحال حياة من بقى خارج السجون والمعتقلات .


كان أهالى السجناء يعانون الأمرين من سوء معاملة السجانين و وقاحة الضباط القائمين على ادارة السجن ، ومن الظروف المادية الطاحنة ، فقد كانت بعض تلك الأسر تعانى ماديا ً مع تضييق النظام للخناق عليهم وحرمانهم من حقوقهم وملاحقتهم حتى فى ارزاقهم ووظائفهم وفرص الدراسة والسفر ولو الى بيت الله .


لم يدر بخاطر الحاجة حمّاله الشيخي أن معاناتها لن تنتهى عند اعتقال ابنها سالم ، بل ستتعمق  باعتقال ابريك ابنها الأخر وهو الأخ الأكبر من سالم ، وكان ابريك  بشركة نفطية بمدينة مصراته ، فتم اعتقاله فى العام 1995 بعد موجة اعتقالات طالت الكثير من المنضمين للحركة الاسلامية أنذاك بمختلف توجهاتها ومشاربها ، لم يُعرف أى شىء عن ابريك أبداً من يوم اعتقاله رغم الرحلة الشاقة في البحث عنه ، ولم تجد عائلته جوابا لسؤالها عنه لدى السلطات الرسمية او من السجناء المُطلق سراحهم .


لم تتوقف المعانة والقسوة عند هذا ، بل قام عناصر الأمن الداخلى بسرقة منزل ومال ابريك، وطرد اسرته من البيت ومصادرته ، وحتى الاستيلاء على سيارته ،  ورغم ضيق ذات اليد ، ورغم التضييق على الأسرة إلا أن الحاجة حمّاله جمعت أحفادها تحت جناحها لرعايتهم وتربيتهم فى غياب ابائهم ، وعملت جاهدة كى تبقى الأسرة متماسكة وقوية فى ظل ظروف شديدة القسوة ، وكانت تمضى سنوات الانتظار بنظم الشعر الشعبى ، ولم تنتهى المعاناة عند هذا الحد بل تفاقمت مع منع النظام أنذاك لأسر السجناء بالقيام بتلك الزيارة القصيرة التى لاتتجاوز الربع ساعة مرة كل ثلاثة اشهر ، وكان المنع لأسباب غير معروفة ولم يقدم احد من ادارة السجن أى مبررات تعلل أسباب المنع ، وكانت المذبحة قد وقعت يوم و ليلة التاسع والعشرين من يونيو عام 1996 وظل النظام متكتم على ماجرى فى ظل غياب وسائل اعلام حرة  وقوة القبضة الامنية ، حتى بدأ يفكر فى تبرير غياب هذا العدد الكبير وعدم السماح بمعرفة مصيرهم وانقطاع اخبارهم ، فبدأ يسرب فى اسماء الضحايا على دفعات من بداية صيف 2004 ، وكانت عائلة الشيخى من أوائل المبلغين عن مصير أبنائهم ،  فعرفت العائلة أن ابريك وسالم قتلا بحضور عبدالله السنوسى فى تلك الليلة .


فنظمت الحاجة حمّاله قصيدة " أمغير أصبري ياعين لاتطريهم" باكية  أبنائها سالم وأبريك  لتصبح ضمن أروع قصائد الرثاء فى الشعر الشعبى الليبى .


رحلت الحاجة حمّاله عن دنيانا يوم 17 رمضان من عام 2009 عن عمر يناهز الثمانين عاما ، رحلت قبل ان ترى العدالة تتحقق لابنائها و تشاهد تحطم نظام القذافى بكل جبروته وطغيانه .


رحم الله الحاجة حمّاله وكل شهداء وشهيدات ليبيا ، و كل عام ونساء ليبيا المدهشات ، الصامدات ، المقاتلات بشجاعة وشرف وهن بألف خير ، كم اتمنى الا ينسى الرجال بأن شجاعتهن كأمهات وزوجات واخوات وبنات لشهداء مذبحة بوسليم وصمدوهن امام آلة الترهيب والقمع والتخويف لنظام القذافى المجرم ماكنا اليوم نعيش فى ليبيا جديدة ، مختلفة عن ليبيا اللون الواحد والفكر الواحد والافق المسدود .

نص القصيدة:  


مغير إصبري يا عين لا تطريهم ** بريك وسالم لي لا تجبديهم

لا تجبدي سيرتهم

ولا تجبدي الساعه إللي شالتهم

نا طامعه قبل في جيتهم

واليوم مايساوي العقل سوقه فيهم

**

مشوا في سوقه

بريك وسالم يابعاد الشوقه

ما حسبت خباره تجينا سوده

إثنين إللي نراجو فيهم

**

جتنا بوقه

إساعه حداش على سماح التوقه

تمت معانا نارهم موقوده

يوم الخبر ياما صار ياما فيهم

**

تمت عشيه

صالح يغرد والدمعه سخيه

علي بريك وسالم ماشيين ضحيه

ونحنا غافلين ماعلمنا بيهم

نصدقوا في كلاب على قصاد النيه

يقولوا طيبيين وما سو يجيهم !؟

ما حسبت نبقى بلاهم حيه

غير الأيام لاسبد ما نوفيهم

**

كاتبه مولانا

غيباهم هلي هم حدود منانا

خلوا خوتهم سامرين حزانا

لا الدمع كف ولا النوم يجيهم

نا طالبه من ربنا سبحانه

نريده يصبرهم وينسيهم

**

ما تجبدي غيابي

بريك وسالم من خيار شبابي

نا اليوم خلوني مغير نكابي

ناخذ الليل ونا نهاتي بيهم

**

ما تجبدي منامي

بريك وسالم كانهم قدامي

ننقانهم قهروني في عقاب زماني

إمفيت يصبرني الله عليهم

**

ما تجبدي الرفاقه

بريك وسالم إللي لهم مشتاقه

ننقانهم عقوني اليوم شينك عاقه

لا مغير علينا لا مغير عليهم

إصبري يا عين لا تطريهم ** بريك وسالم لي لا تجبديهم

الاثنين، 16 يونيو 2014

مات الكلام..

باختصار .... ومثل ماغنت فيروز (مات الكلام) مافى الا الصور تروى بعض مما أصبحنا نعيشه ونحسه بمدينتى ..اسال الله السلامة والعقل لابناء وطنى..

والبداية كانت  

 

 

الخميس، 12 يونيو 2014

الحدث الفريد فى تاريخ النساء النيوزيلنديات عامى 2005 و 2006..

الملكة إليزابيث الثانية وتحمل لقب ملكة نيوزيلندا
لايزال يشغلنى وضع المرأة فى بلادى واعتبره من المواضيع التى لها الاولوية فى القراءة والبحث ، وهذا مايدفعنى لقضاء وقت اطول فى البحث حول تاريخ وتجارب وانجازات المرأة الليبية ومقارنتها بتجارب و انجازات واوضاع النساء فى بقية دول العالم .

أثناء البحث عن معلومة تتناول هذه القضية وجدت نفسى اغرق فى القراءة والتعمق اكثر فأكثر حول (النساء فى نيوزيلندا) وهى من الدول التى تمتعت فيها المرأة بحق التصويت فى العام  لتصبح نيوزيلندا البلد الأول في العالم الذي يمنح جميع النساء الحق في التصويت ، وربما هذا مايفسر حدث فريد فى تاريخ البلد وباقى دول العالم إذ حدث فى  مابين عامى 2005 و 2006 أن اصبحت نيوزيلندا هي البلد الوحيد في العالم التي احتلت النساء فيه جميع مناصبها العليا في وقت واحد:
 
 (الملكة) اليزابيث الثانية هي قائدة الدولة وتدعى ملكة نيوزيلندا بموجب قانون الألقاب الملكية لعام 1974. يمثلها الحاكم العام، الذي يعين بناء على المشورة الخالصة لرئيس مجلس الوزراء، تتبع نيوزيلندا نظاماً ملكياً دستورياً ذا ديمقراطية برلمانية. على الرغم من أنها لا تمتلك دستوراً، إلا أن قانون الدستور لعام 1986 هو البيان الرسمي الرئيسي للهيكل الدستوري النيوزيلندي.وصف الدستور بأنه إلى حد كبير "غير مكتوب" و"خليط من القوانين والاتفاقيات الدستورية".

و(الحاكم العام) السيدة سيلفيا كارترايت ويتضمن اختصاصات منصب كارترايت توقيع التشريعات الجديدة، وهي تعمل في الاغلب تحت توجيه الحكومة، لكنها ترأس ايضا القوات المسلحة، وتتمتع بسلطات خاصة في حالة حدوث ازمة دستورية .
 
و(رئيس الوزراء) هيلين كلارك التى تولت حقائب وزارية اثببت نجاحها فيها  الدفاع، إلاسكان، العمل والصحة وتزعمت المعارضة وترأست حزب العمال النيوزيلندى لسنوات ، وتتضمن صلاحيات رئيس الوزراء النيوزلندى ترأس هيئة صنع السياسات .
(من اليمين) الحاكم العام سيلفيا كارترايت و كبيرة القضاة سيان الياس و رئيسة الوزراء هيلين كلارك
(المتحدثة باسم مجلس النواب) مارغريت ويلسون وقد سبق لها ترأس حزب العمال النيوزيلندى ويكتون النيوزيلندية .  وعملت لسنوات طويلة كأستاذة جامعية للقانون فى جامعة ويكتون النيوزلندية .
أما منصب (كبيرة القضاة) فى نيوزيلندا فقد تولته السيدة سيان الياس، والتى تترأس أعلى محكمة في نيوزيلندا هي المحكمة العليا التي أنشئت في عام 2004 بعد صدور قانون المحكمة العليا عام 2003، تتعامل المحكمة العليا مع الجرائم الخطيرة والشؤون المدنية على مستوى المحاكمة والاستئنافات من المحاكم والهيئات القضائية الأدنى .
أما أكبر شركات نيوزيلندا المدرجة هي نيوزيلندا للاتصالات وترأس مجلسها التنفيذي امرأة هي تيريزا غاتونغ .
هذا وفى العام 2005 اجتمعن 500امرأة نيوزليندية بمنتجع سياحى بولينغتون لمراجعة ما تم احرازه بشأن مكانة المرأة فى نيوزيلندا خلال الثلاثين عام ، وقد تبين بأن الرجال لايزالون يتحكمون فى الوضع فمن بين 179 مدراء تنفيذيين لكبار الشركات على المستوى الوطنى توجد خمسة نساء فقط ، ولكن اعتُبر تحسن افضل من العام 1975 إذ لم يكن هناك ولا امراة فى هذا المنصب الرفيع .  
كما أن نسبة تواجد النساء فى وظائف قيادية 5% فى كل ادارات الشركات الوطنية ، مازالن النساء يكسبن أقل من الرجال فى الوظائف نفسها ، بالنسبة لاعداد النساء فى البرلمان فقد زادت النسبة الى 31 % ، وكرؤساء البلدية وأعضاء المجلس من النساء بلغن الذروة فى العام 1998 بنسبة 32 % لينخفض فى العام الذى يليه الى 29 % . 
بالرغم من كل الانجازات المذكورة الا التقارير للمنظمات الدولية والنيوزيلندية حول حقوق الانسان وبالاخص التقارير التى تشمل حقوق المرأة تطرح ارقام واحصائيات ملفتة لانتباه بالنسبة إلى ، إذ تضمن تقارير عامى 2005- 2006 وجود عنف اسرى يمُارس ضد النساء فى نيوزلندا ، وطُرحت مسألة توفير منازل آمنة لنساء ضحايا العنف المنزلى كحل ضمن حزمة حلول لمواجهة هذه المشكلة فى بلد يتمتع سكانه بمستوى معيشى وتعليمى مرتفع ، نالت فيه  المرأة حقوقها السياسية فى وقت ابكر من دول كبرى اعرق تاريخيا وحضاريا، فالتعليم العادى والجامعى فى بلد كنيوزيلندا يصل الى نسبة 90 % لدى السكان ، حيث تحتل نيوزيلندا المرتبة السابعة ضمن افضل الدول صاحبة الانظمة التعليمية المتميزة ، كما صُنفت فى المرتبة الخامسة فى قوة مؤسساتها الديمقراطية .
المتحدثة باسم مجلس النواب مارغريت ويلسون

وفى محاول لتتبع تحسن اوضاع المرأة ومقارنة بماتحقق من تلك التوصيات فالقيت نظرة على تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2013 تضمن التالى بمايخص حقوق المرأة فى نيوزيلندا :
 
" حقوق المرأة
في يوليو/تموز، فحصت «لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة» التقرير الدوري لنيوزيلندا وأعربت عن بواعث قلقها حيال استمرار المستويات العالية من العنف ضد المرأة وزيادة معدلاته. وانتقدت اللجنة نيوزيلندا بسبب تقاعسها عن جمع ما يكفي من البيانات الإحصائية بشأن العنف ضد المرأة، ولا سيما ما يرتكب منه ضد نساء شعب الماوري، والنساء المهاجرات، والنساء اللاتي يعانين من الإعاقة " .
 

  عزيزتى المرأة الليبية ما اريد قوله فى خلاصة لما ذكرته من انجازات للمرأة فى نيوزيلندا وماتعانيه من مشاكل لعل العنف الاسرى اكثرها صعوبة ، إلا اننى  ارى ضرورة مواصلة العمل بعقلية جماعية نفتقدها لدى الليبيات ، مع المحافظة على روح  الاصرار والمثابرة  لتصحيح مكانة النساء فى المجتمع الليبى بالرغم من نيل المرأة الليبية لحق التصويت فى العام 1963 أى فى فترة مبكرة من تاريخ البلد فى فترة الاستقلال ، ورغم المشاركة الايجابية فى اعمال المعارضة الليبية سواء بالداخل (السيدة منى جرناز واخريات ) وبالخارج (السيدة فوزية بريون واخريات) وبالرغم من وصولها الى اول مجلس تشريعى فى مرحلة الثورة (السيدة انتصار العقيلى و الدكتورة سلوى الدغيلى واخريات) ، وبالرغم من تولى النساء الليبيات لمناصب كوزيرات وكيلاء وزرات و مساهمتهن فى السلك الدبلوماسى فى حكومتى الكيب و زيدان ، و من تولى العديد من النساء والشابات الليبيات لتأسيس وترأس منظمات غير حكومية تنشط فى الجانب الحقوقى و الثقافى و الخيرى ، بالرغم من الاستعراض المختصر جداا لماتحقق للمرأة الليبية الا أن الطريق لايزال طويل للحصول على مكانة لائقة تليق انسانية المرأة وقدرتها على المشاركة فى بناء المجتمع والدولة ، فالمرأة النيوزيلندية فى العام 2006 حصدت ثمار اعوام طويلة تتجاوز القرن من الزمن ..
----------
مراجع :
الوكيبيديا.
Hansard, 3 March 2005
The New Zealand Herald
 * تدوينة من وحى اقتراب موعد انتخابات مجلس النواب الجديد ومشاركة المرأة الليبية فيها.



الاثنين، 9 يونيو 2014

سمراويت ورحلة البحث عن الانتماء والهوية ..

تدور أحداث رواية (سمراويت) للكاتب والروائى الارتيرى( حجى جابر) بين أحياء وحوارى مدينة جدة الواقعة على الساحل الشرقى للبحر الاحمر ، ومدينة اسمرا عاصمة ارتيريا الموطن الاصلى للروائى الشاب حجى جابر، ويتناول عبر احداث الرواية قضية الانتماء والهوية لشاب عاش بين ثقافتين ، فبطل الرواية عمر يعود الى ارتيريا فى رحلة البحث عن الجذور والانتماء وعن الذكريات والامكنة والاشخاص الذين عاشوا طويلا فى ذاكرة عائلته المهاجرة قسرا بسبب حرب التحرير الارتيرية للتخلص من الاستعمار الاثيوبى ، فى أسمرا يلتقى ببطلته سمراويت التى اعطت للرواية اسمها ضمن لقاء تم بمقهى مودرنا بحى كمشتاتو حيث تتناثر بقايا مبانى الحقبة الاستعمارية الايطالية .

يعرض لنا حجى على لسانه بطله عمر جوانب كثيرة من حياة وعادات وملامح الشعب الارتيرى ، وعلى الكثير من الشخصيات الادبية والفنية والسياسية والتاريخية التى لعبت ادوار هامة فى مرحلة حرب التحرير، فهو يعرفنا على الجَبَنة أى الاسلوب المحلى لاعداد القهوة فى ارتيريا ،فيجعلنا نتشوق لتذوق القهوة التى تعدها جدته المحافظة على تقاليد وعادات كثيرة ، وعلى طبق الزقنى الطبق الارتيرى الشهير .

كما يتناول جوانب من حياة وافكار الشباب الارتيرى المقيمين فى مدينة جدة من خلال الاندية والتجمعات الخاصة بهم ، حيث يقدم لنا نماذج من تيارات وخلفيات متنوعة فأحمد هو عضو فى حزب الدولة الحاكم لهذا فهو يتكلم باسم الحزب ولايرى غير مايراه حزبه ، فى حين محمود المجاز فى القانون من جامعة القاهرة يحمل افكار مختلفة عن العدالة الاجتماعية وعن الحريات العامة و الشخصية المفقودة فى الوطن الام وفى بلاد مهجرهم السعودية فالقنصلية الارتيرية بجدة تعكس جزء من النظام الفاسد فى الوطن الام من خلال موظفيها واجراءاتها المعقدة المستنزفة لاموال المواطن الارتيرى الكادح البسيط ، و لاينسى حجى ان يمر على قضية الهجرة الغير شرعية لشباب ارتيريين عبر الحدود السودانية عبورا ً الى السعودية أوباقى بلاد المهجر من خلال استغلال عصابات التهريب لاولئك الشباب فيقدم لنا قصة محجوب المبتورة ، كما يستعرض حجى محطات تاريخية لارتيريا منذ وصول الصحابة مهاجرين الى ارض الحبشة حيث تحط بهم السفينة على شاطىء مصوع ، و مرورا بمراحل الثورة الارتيرية وماتلاها من اقامة نظام غير ديمقراطى تتركز السلطات فى يد الرئيس فقط ، كما ركز فى بعض فقرات وحوارات الشخصيات على قضية العصبية القبلية والعرقية و الدينية حيث يوضح لنا حجى بوجود من يعترض على وجود مسحيين ارتيريين ضمن بلد نصف سكانه مسلمين تعرضوا للتعريب منذ الهجرة الاولى للصحابة ، كما يستعرض مواقف و من جوانب من عنصرية وازدواجية فى التفكير والتصرف لدى المجتمع السعودى ، واعتقد بأن الروائى لم يقصد أن يجعل هذا الامر قاصرا على مجتمع بعينه ، بل ويشير لخلل فى عقلية المجتمعات التى لاتزال تتمسك بالقبلية والجهوية والمناطقية كما اكتشف هو فى وطنه الام .

لعل اكبر مفاجات الرواية بالنسبة إلى هو اشارة الروائى للاصول الحبشية للشاعر الروسى الكبير بوشكين حيث ينتصب تمثال للشاعر فى وسط العاصمة اسمرا اقامه الروس، وبحسب الويكيبيديا فوالدة بوشكين هى ابنة ضابط حبشى مقرب من القيصر بطرس الاول .

لقد استمعت باأسلوب حجى فى سرد الاحداث بسلاسة دون تعقيد فى الحبكة السردية ، مستعملا ً لغة جميلة دون تكلف او استعراض للعضلات ، فجاء استعراضه للمعلومات حول وطنه الام (اريتريا) فى اسلوب شيق غير ممل او يثقل على النص السردى ، كما أجاد حجى عرض ثنائية المكان ببراعة ، فلا تشعر بالتشتت او بالملل وهو ينقلك بين أحياء جداوية أومدن اريترية ، فلا تفقد قدرتك على التركيز والفهم لما يقوله ، ومع الرجوع للقاءات اجرائها حجى فى الصفح بعد فوزه ومن البحث عن معلومات عن حياته وسيرته يمكن اعتبار الرواية بمثابة سيرة روائية للكاتب والروائى الشاب حجى جابر حيث لم ينكر وجود تشابه بينه وبين بطله عمر.

وجدت شخصية سمراويت ناقصه وباهتة ، وقصة الحب التى جمعت الاثنين لم تكن مقنعة كثيرة بالنسبة إلى ، كما أن الحوار الاخير بينهما جاء بدون اى عمق او مذاق مميز كما فى الاعمال الروائية الكبرى التى يمتاز اصحابها بالتمكن من رسم المشاهد الروائية الهامة ، توقعت نهاية قصة الحب بعد اشارة الروائى الى مرض والدة سمراويت بمرض القلب ، فالابنة ذكرت لعمر أثناء تقديمه لوالدتها بأنها حريصة على ألا تثير غضبها لكى ، لم تعجبنى شخصية البطلة او الشخصية النسائية الرئيسية سمراويت ، شعرت بأنها تعانى من ازدواجية فى شخصيتها فهى تذهب فى علاقتها بعمر الى العمق ، ولكنها تنسحب امام رفض والدتها رغم ان حجى قدمها فى بدايات الرواية باعتبارها فتاة متمردة وغير تقليدية .....بالنسبة الى احببت شخصية جدة عمر كعادة شخصيات الجدات الحنونات الدافئات الحارسات للتقاليد ، واعجبتنى شخصية والدة عمر فقد بدت اقرب لفهمى من خلال التحولات التى مرت بها شخصية الام فقد انتقلت من مجتمع مفتوح الى اخر منغلق ومعه مرت بتحولات فكرية ومعيشية تركت تأثيرها عليها .
 

فى أثناء قراءتى للرواية استرجعت ذاكرتى تفاصيل احداث تاريخية تربط بين ارتيريا ووطنى ليبيا فاإيطاليا احتلت كلا البلدين وتركت فيهما ارث معمارى جميل ، كما أن ايطاليا فى فترة احتلالها لوطنى ارسلت مجموعة كبيرة من الشباب الليبيين كمجندين قسريين تم خطفهم من بيوتهم ومدنهم الى مصوع لاحتلالها وقتال الامراء الارتريين الذين حاولوا الوقوف ضد الاحتلال البشع ، واستغلت ايطاليا الاحباش بارسالهم الى ليبيا للقتال فى الثلاثينات ضد المجاهدين فى الجبل الاخضر حيث كانت توجد فرقة الاحباش او المصوعة كما يعرفون ويظهر الكثير منهم فى صور تلك الفترة يرتدون ازياء عسكرية مصممة لجنود الفرق الارتيرية ضمن الجيش الايطالى الاستعمارى فى ليبيا ، لقد قدم حجى صورة مختلفة ولطيفة عن ارتيريا غير تلك التى نحملها فى اذهاننا عن ذلك البلد الافريقى البعيد عنا ، وربما ماجعلنى احب الرواية كثيرا هو محاولات الروائى عبر الصفحات ان يجعل من وطنه قصيدة شعرية نستمتع بالتأمل فى جمالها وروعتها .

تمت طباعة الرواية اربع مرات منذ صدورها فى العام 2012 ومن ثمة فوزها بجائزة الشارقة للإبداع العربى فى مجال الرواية ، وقد حققت مبيعات كبيرة عمل اول لروائى شاب ، وساهم الفوز بالجائزة وموضوع الرواية فى تحقيق رواج كبير لها .

مقتطفات استوقفتنى فى الرواية :


ما أصعب أن نحشر أنفسنا داخل امنية وحيدة، فلايعود شيء يمدنا بالحياة إلا حبل قصير ينتهي عندها. 


الوطن ليس وجهة نظر. الوطن لا يعيش في المناطق الرمادية، إما أننا في وطن حر وديمقراطي، أو أننا نعيش في ظلام التخلف والدكتاتورية .





مذكرات زوجة دوستويفسكي ..

يحوى هذا الكتيب على شذرات من سيرة حياة الآديب الروسى الشهير (فيدور دوستويفسكى ) على لسان زوجته (آنا غريغوريفنا) حيث تقدم صورة شخصية للاديب صاحب الانتاج الكبير والمؤثر فى تاريخ الآداب العالمية ، فتشير لنشأتها فى اسرة تهتم بتعليم البنات كى يكسبن معيشتهن بكدحهن ، وعن حرص والدها الموظف فى البلاط القيصرى على ان ينال أبنائه تثقيف يناسبهم ، وتحدثنا آنا عن السبب الذى دفعها لكتابة هذه المذكرات إذ تقول بأن اعتزالها للحياة الاجتماعية وانزوائها بعيدا عن العاصمة بطرسبورغ جعلها تعيش في وحدة مطبقة ، وكان لابد لها من ملىء وقت فراغها بأى شىء مفيد ، فقامت بإعادة قراءة يوميات زوجها و ويومياتها حيث وجدت تفاصيل هامة تستحق أن يطلع عليها الناس فأمضت خمس اعوام فى إعداد المذكرات .

تروى لنا لقائها الاول مع ديستويفسكى بعد قرأتها لاعلان منشور من قبل الاديب يعلن فيه حاجته للاستعانة بخدمات سكرتيرة تجيد الاختزال ، فتقول آنا عن ذلك اللقاء الاول :" تصورته شيخا بعمر والدي، عبوسا كئيبا كما يتصوره الكثيرون، وجئت الى الموعد المحدد. كان يقيم في شقة متواضعة بعمارة ضخمة يسكنها تجار وباعة وحرفيون. وذكرتني في الحال بالعمارة التي يقيم فيها راسكولنكوف بطل "الجريمة والعقاب". مكتبه واسع بنافذتين مضيئتين أيام الصحو، لكن جوه فيما عدا ذلك حالك ساكن يثقل على النفس. وعندما رأيته لأول مرة خيل الي أنه عجوز بالفعل، ولكن ما إن تحدث معي حتى تضاءلت سنه وبدا لي في الخامسة والثلاثين ".

تحكى آنا عن بداية الاستلطاف بينها وبين الكاتب رغم الفارق الكبير فى السن ، وعن طباعه الاجتماعية إذ كان جذاباً فى الفترات التى يكون فيها مرتاح ، يسحر من يقترب منه حتى خصومه ، كما لاحظت هذا في ما بعد عندما تزوجته ورافقته فى جولاتهم والامسيات الادبية التى شاركها ديستويفسكى فيها ، كما تحكى لنا عن الطريقة اللطيفة التى استعملها لاخبارها عن رغبته فى الارتباط بها ، إذ حدثها عن مخطط رواية جديدة سيقوم بكتابتها حول فتاة ستقع فى حب رجل عليل سيتقدم خاطبا لها ، وباغتها بسؤال " ما رأيك؟ هل تستطيع فتاة شابة أن تحب فنانا عجوزا مريضا مثقلا بالديون؟.. لنفترض أن الفنان هو أنا، البطلة أنت، فما ر أيك؟" ..فقبلت آنا الارتباط به ، رغم ظروفه المادية الصعبة ، ومسؤلياته تجاه ابنه بالتبنى ، و ابناء اخيه ميخائيل ، وبالاضافة لمرضه بالصرع الذى ترك بآثار نفسية عميقة على روحه ، وانعكست على الكثير من اعماله فنجد وصف لهذا المرض فى رواية الاخوة كرامازوف آخر اعماله الأدبية.

كما تعرض آنا لنا عالمه الأدبي ومعاناته مع الدائنين ، خصوصاً أصحاب دور النشر والمجلات التي كان ينشر فيها فصول رواياته ، ومعاناته مع أقاربه خاصة ابنه بالتبنى بافل ومايقومون به من ابتزازللحصول على المال الى درجة دفعه لرهن معطفه لتوفير المال لهم .

وتقدم لنا الاسماء الأدبية الاوربية و الروسية التى تأثر بهم زوجها كبلزاك و جورج صاند وآراءه فى الاخرين من ادباء روسيا الكبار ، وتروى مدى لهفة زوجها لمقابلة الاديب الروسى الشهير تولستوى وعن تفويت الفرصة عليه بسبب سوء فهم من قبل مرافق تولستوى لرغب الاخير فى العزلة فى أثناء حضوره مناسبة ثقافية فى موسكو ماجعل ديستويفسكى يتحسر لضياع الفرصة الثمينة عليه .

بالاضافة لحديثها عن تأرجح ظروفهما بالاقتراب من الإفلاس إلى التمتع بقدر من اليسر الذى يتيح لهما التمتع بمستوى حياة جيدة ، ومايتخلل تلك المذكرات من حوادث ولادة ووفيات أطفاله ، وعن مأساة القمار فى حياة ديستوفيسكى وادمانه عليه ، وعن الحيلة التى اتبعتها معه آنا لمساعدته فى الشفاء من هذا المرض اللعين ، كما تعرج على تناول المواقف والاحداث والشخصيات التى ستتحول الى محور لروايات الأديب ، وسيكونون ضمن الشخصيات المرسومة فى اعماله الادبية كالأخوة كرامازوف ، والأبله ، والشياطين ، والجريمة والعقاب ، ففى جنيف ولدت ابنتهم البكر صوفيا في 22 مايو عام 1868. ولشد ما عانت آنا من عسر الوضع، ولشد ما تألم دوستويفسكى وصلى وبكى خائفا عليها من الموت، سيقوم فيدور فيما بعد فى وصف مشهد الولادة في رواية "الشياطين" .

وتستعرض لنا آنا الكثير من آراء ديستويفسكى فى الدين والقومية الروسية ، وعن مدى تقدير الاديب لدور القيصر نقولا الاول الذى اصدر عفو عن حياته واعاده من منفاه فى سيبريا بعد اربع سنوات ، وتسرد تفاصيل تحركات زوجها فيدور وهى وماكانا يتعرضان له من رقابة شديدة من قبل السلطات القيصرية على خلفية ماضى فيدور ومشاركته فى محاولة لاطاحة بالحكم القيصرى ، وماكانا يلاقيانه من مشاكل وصعوبات عند استخراج جوازات سفر لانتقال للخارج ، وعن رحلاتهم فى اوربا لمدة اربع سنوات ، كما تعرض لنا اسماء من التقاهم ديستويفسكى من ادباء وفنانيين روس واوربيين فى تلك الرحلات ، وعن تأثير بعض الاماكن والمدن على نفسية وروح الاديب الروسى ، وتقدم لنا وصف لمدى عمق تأثره بلوحة الرسام السويسرى هانز هولبين "يسوع ميتا " التي تركت في نفسه شعورا بالإنسحاق الفظيع انعكس في رواية " الأبله" ، وعن أهم الفنانيين العالميين ممن نالوا اعجابه باعمالهم الفنية .

كان تنسيق الكتيب الإلكتروني بصفحاته ال 51 فى منتهى السوء ،فهناك أخطاء فى ترتيب الهوامش والنصوص تتداخل مع بعضها البعض ، رغم الترجمة الجيدة للمادة الموضوعة بالكتيب الالكترونى على يدى الكاتب والمترجم العراقى خيرى الضامن المقيم فى موسكو ، ممادفعنى للبحث عن اصل المذكرات للحصول على معلومات اوفر حوله ، فوجدت أن الكتيب هو عبارة عن ترجمة مطولة ، منتقاة من الكتاب الاصلى البالغ عدد صفحاته مايقارب ال 516 والمأخوذ عن (المخطوطة في 792 صفحة من القطع الكبير) قام المترجم بنشر المادة المترجمة فى مجلة نزوى العمانية التى تصدر فى سلطنة عمان ، كما تشير لذلك صاحبة المذكرات آنا غريغور ريفنا دوستويفسكايا فهى تشير فى بداية الكتاب فى الروسية إلى سعيها أن تكون هذه المذكرات محاولة تلتزم الصدق والأمانة فى الحديث حول شخصية الأديب الروسى المثير للجدل ، إذ تقول : " أنا لا أتعهد للقاريء أن يجد متعة في مذكراتي، لكني أؤكد على صدقيتها ووثائقيتها. وأعترف صراحة بأنها تعاني من هنات أدبية كثيرة، كالإسهاب وحوشي الكلام وعدم تناسق الفصول، وعذري، في صعوبة ما أقامت عليه، وأنا في السبعين، تحدوني رغبة صادقة في تزويد القراء بصورة واقعية عن فيودور مخيائيلوفيتش دوستويفسكي، ما له وما عليه، كما كان في حياته العائلية والشخصية في أكثر مراحل ابداعه خصبا وعطاء 1866 – 1881" .

سيرة آنا غريغوريفنا الزوجة الثانية لفيدور ديستويفسكى تمتلىء بالكثير من تفاصيل المواقف و الاحداث حول حياة صعبة مليئة بالموت والفقد والمرض المزمن و الفقر وكافة أنواع الضغوطات والمضايقات ، رغم لذلك عاشت آنا برفقة فيدور طوال الاربعة عشرة عام من عمر زواجهم قبل ان يتوفى الأديب ، عاشا حياة فيها مشاعر كبيرة وعميقة ، تحولت فيها آنا لاكثر من مجرد زوجة عاشقة ومخلصة ، إلى أم عطوفة وفية ، حيث وقفت معه باصرار وقوة تحمل كى تمد يد العون لزوجها الطيب الكريم لاخراجه من آثار الماضى .

لقد قضيت ظهيرة رائقة بصحبة هذا الكتيب الصغير الممتع ، وتأثرت كثيرا بشخصية آنا غريغوريفنا وعن اخلاصها لزوجها و تفانيها فى خدمته و الدفع به للامام ، واحتمال شظف الحياة برفقته ، و مواجهتها لعداء الآخرين لزوجها بالوسط الأدبى ، وعن السعادة التى منحتها آنا لزوجها العليل فى الاعوام الاربعة عشر من عمر زواجهما و عمر زوجها .


فى أثناء البحث فى الانترنت حول المذكرات عثرت على ترجمة جيدة لجزء من رسائل تبادلها الكاتب مع زوجته آنا ، اعجبتنى كثيرا ، وانتقيت بعض الفقرات التى استوقفنى عمق معانيها وجمال أسلوب تغزل الروائى الروسى فى زوجته وردها عليه بكلمات حب فى منتهى الرقة و الجمال ..



ﭭيودر دوستويفسكي إلى أنَـا



(...) كيف لك بان تتعجَبي، [اني احبك هكذا]، يعني كزوج وكرجل؟

من يغنجَني هكذا مثلك، من استَقر بي، وغزا روحي وجسدي. نعم، وكل أسرارنا في هذا فهي مشتركة. وبعد هذا، تظني بأني غير مجبر على ان أعشق كل ذرة منك، وان اقبل كل شئ فيك، وبدون شبع، نعم فهل هذا يحدث؟ ويبدو، انك بنفسك لا تستطيعين فهم وجودك، وإلى أي حد انت ملاك طاهر إو هذا ما سوف اظهره لك عند عودتي .


وما له، فليكن، إني إنسان مهووس عاطفيا، ولكن كيف لك بأن تفكري ( وإن كنت إنسان مهووس عاطفيا) من الممكن أن أعشق إمرأة إلى حد عدم الشبع، كما واني ألف مرة قد برهنت لك ذلك. بالحقيقة، فكل البراهين القديمة ـ لا تعني شيئاً، أما الآن، عند عودتي، فإني على ما يبدو سوف انهمك. (أعتقد بان هذه الرسالة لن يقرأها احد وانت لا تطلعي احد عليها).



ـ آنَا دوستويفسكي إلى ﭭيودر دوستويفسكي (27 تموز 1876)



(...) أحبك هكذا، كما لو انه لم يوجد على وجه البسيطة أية زوجة احبت زوجها هكذا.



 ـ من ﭭيودر دوستويفسكي إلى آنَـا دوستويفسكي (30 تموز 1876)


 (...) جميلتي، نور عيني، وأملي،.. أطلب من الله بأن يطيل في أعمارنا لنعيش سوياً. وانا من جهتي، فكل ما طال العمر، سوف أحبك اكثر. وهذا واقع !



ـ من أنـّا إلى ﭭيودر دوستويفسكي



(...) أقَبَـل يديك، وقدميك، وعلى وجه الخصوص شفتيك، هذه الشفاه الساحرة.



ـ من ﭭيودر إلى أنـَا


(...) آه، يعني انك تحلمين بي في منامك، وعندما تستيقظين تشتاقين لي، وتحزني لإني لست معك، فيا للهول ما أجمل ذلك. هذا يدل، على انك تحبينني. هذا بالنسبة لي، أحلى من العسل. لدى عودتي، سأنهمر عليك بالقبل، أما أنت فأراك ليس في الحلم فقط، بل في النهار. فأنا اعشقك ليس لهذا فقط، بل لأنك بالدرجة الأولى صديقة لي ـ فهذا بحد ذاته أمر رائع. فلا تخونينني في هذا، بل على العكس، ضاعفي الصداقة بصراحتك الخاصة (التي في بعض الأحيان تنعدم )، عندها سيصبح الوضع عندنا افضل بعشر مرات. فالسعادة ستحصل، آنـَا هل تسمعينني.. أحبيني وانتظريني