استمتعت البارحة بمشاهدة (نهر لندن) هو فيلم من اخراج الجزائرى ( رشيد بوشارب )
يتناول احداث تفجيرات لندن الانتحارية عام 2005 من زاوية سينمائية وانسانية مختلفة
، فهويقدم لنا السيدة اليزابيث سومرز الانجليزية المسيحية ، وعثمان الإفريقي المسلم الذى
يعيش فى فرنسا ، يأتيان الى لندن للبحث عن ابنائهم اللذين يعيشان على مقربة من
موقع التفجيرات حيث انقطعت اخبارهما بعد ذلك،
فالسيدة اليزابيث سومرز تبحث عن ابنتها (جاين ) ، بينما عثمان يأتى باحثا
عن ابنه (على ) .
يثمر السعى المشترك للسيدة سومرز و عثمان عن رابطة صداقة لطيفة ، بعد
أن بدأ التعارف بين الاثنين فى ظروف صعبة ، تتصرف فيها السيدة سومرز بطريقة حذرة
ومتوترة تجاه اكتشاف العلاقة التى ربطت بين ابنتها جاين و على ابن عثمان الافريقى
المسلم ، فعندما قابلت اليزابيث عثمان كانت تشعر بنوع من الخوف دفعها لعدم مصافحته
فى اول لقاء بينهما ، وتتبدد الأفكار المسبقة لسومرز عن التأثير السىء لعلى على
ابنتها ، فهى اعتقدت بانها اصبحت مسلمة متطرفة تحت تأثير العلاقة القوية التى ربطت
(جاين) و(على) ، وذهبت بالام الى حد الاعتقاد بمشاركة ابنتها فى العملية
الانتحارية ، ومع تكشف الحقائق حول الهوية الحقيقية للفاعلين ، تبدأ اسوار الشك
والريبة والظنون تزول شىء فشىء ، وتكتشف سومرز اشياء مشتركة مع الآخر أى عثمان
القادم من ثقافة مختلفة ، فعثمان ترك أسرته حينما كان ابنه في السادسة من عمره، فيما تعيش (جاين)
بعيدة عن أمها، بعد مقتل زوج اليزابيث الضابط في البحرية، في حرب فوكلاند عام 1982،
الغريب في الأمر هو أن حميمية اللقاء بين شخصيتي الفيلم، استمرت حتى بعد سماع خبر مقتل
ابنيهما في أحداث لندن الإرهابية، .
من الاشياء اللافتة للانتباه فى أثناء
مشاهدتى للفيلم هو الحوارات القليلة والاكتفاء بالقليل من الموسيقى ،وافساح المجال
ان يعيش المتفرج أجواء الصورة ، فالمخرج ركز كاميرته على الوجه الانسانى لابطاله ،
عارضا ملامحهم وتعابيرهم بكل ماتحمله من احاسيس خوف وقلق و اضطراب وشك وفرح و
طمأنينة ، مشاعر انسانية نعيشها جميعا يوميا ، إذ كنت اشعر بأننى لا اعيش محنة
الام اليزابيث و الاب عثمان فقط ، بل كنت اشعر بأنهما يعكسان ماعشناه طوال العام
الماضى من لحظات صعبة ، ومامررنا به من محن على المستوى الشخصى او الانسانى العام
.
الاجمل فى الفيلم من وجهة نظرى الشخصية هو
اكتفاء المخرج بعرض قصة جاين وعلى دون ان يملىء الفيلم بشخصيات واحداث تشتت الذهن
وتبعده عن تأمل حياة أولئك الضحايا الممثلة فى اليزابيث و عثمان فكلاهما ضحية لسوء
الفهم ، و عدم معرفة شىء عن العالم الخارجى الا بقدر فالام فلاحة تعيش فى جزيرة
منعزلة فى بحر المانش قبالة الساحل الفرنسى وتتحدث الفرنسية ولكنها لاتعرف عن لندن
عاصمة بلدها شىء ، كذلك عثمان حارس الغابات فى فرنسا لايفهم سرعداء اليزابيث او
حساسيتها تجاه فكرة علاقة عاطفية تربط ابنتها بابنه على .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق