كتاب شذرات هو مجموعة غير منشورة من رسائل وخواطر ومذكرات مارلين وقصائد شعرية كتبتها فى كراسات خاصة بخط
يدها ولم يسبق نشرها من قبل، وعلى قصاصات ، وأوراق الفنادق سجلت عليها انطباعاتها حول نفسها ، إلى جانب
مايحتويه الكتاب من مجموعة نادرة لم تُشاهد من قبل لنجمة الاغراء الشهيرة ، ومعظم ما كتبته يعود للسنوات العشر التي
سبقت وفاتها في عام 1962، و يوضح الكتاب جوانب غير مألوفة او متوقعة حول شخصية
مارلين ،إذ تبدو من خلال خواطرها انسانة حساسة وخجولة وعميقة وترغب فى الوصول
للكمال فى شخصيتها ـ كما ترغب فى الشفاء من جروحها النفسية ، امرأة جميلة
وذكية وليس كما حاولوا الترويج لها بأنها شقراء ولكن دون عقل هذا مايلمسه أى قارىء
للكتاب .
فقد عاشت مارلين طفولة بائسة ، فهى ثمرة علاقة
غير شرعية ، ولم ترغب والدتها بها ، فتم وضعها بميتم قبل ان تقضى جزء من تلك
السنوات تحت
رعاية الأسر البديلة ، لحين اتمامها العشرين
فتقرر احتراف التمثيل وبدلت اسمها من نورماجين بيكرإلى اسم فنى هو مارلين مونرو حيث
تابعت بإصرار وعزم كبيرين مشوارها الفنى لتصبح مع مرور الزمن واحدة من أشهر نجوم السينما
على مر التاريخ ، حيث شكلت بعض افلامها علامة فى تاريخ السينما العالمية مثل
(البعض يفضلونها ساخنة ) و(بعضهم يفضلون الشقراوات ) و اخيرا فيلم (الناشزون ) .
ورغم النجاح والشهرة و
الثراء فأن معاناتها من مرارة الوحدة طبع
حياتها بالقلق و الحيرة ، وفى يوم الأحد 5
أغسطس 1962 وجدت مارلين جثة هامدة في
منزلها مفارقة الحياة عن عمر يناهز الـ36 عاماً فقط ، حيث وذكر تقرير الشرطة أن
الوفاة حدثت بسبب جرعة مفرطة من الحبوب المنومة .
نجد ضمن الشذرات وقصاصات الكتاب ملاحظات سجلتها مارلين حول ماتقرأه بجدية لاتنتقص
منها اخطائها فى التهجئة لمعاناتها من مرض عسر القراءة ، وهو امر يبعث على الاعجاب
الكبير بسبب تركها المدرسة العليا وعدم حصولها على شهادة ، وبالرغم من ذلك لايحول دون
مواصلتها للتعلم الذاتى لتحسين مواهبها و مهارتها ، وقد ضمت مكتبتها الشخصية حوالى
400 كتاب متنوع ، قامت صديقتها الحميمة سوزان ستراسبورغ بالتبرع بها فى مابعد ، فنجدها منكبة علي دراسة تاريخ الفن ، بالاضافة لكتب
فرويد فى الطب النفسى فى محاولة منها لفهم
جوانب من اعماق نفسها المعذبة بالمرض ،إذ دخلت مارلين مشفى بينى للأمراض النفسية نتيجة
لوجود اضطرابات نفسية عندها ، ولهذا سنجدها فى معظم مراحل حياتها بالاخص فى السنوات
العشر الاخيرة من حياتها شغوفة بالتحليل النفسى فتسعى لسبر غورالتحليل النفسى مع الدكتور رالف جرينسون، المحلل النفساني الذى ظل
على اتصال بها حتى آخر لحظات حياتها ، ، من خلال اوراق مارلين المعدة فى صفحات
الكتاب سنقرأ خط لمرأة تكتب بطريقة عصبية
نوعا ما ، تعكس جزء مما عانته فى طفولتها و شبابها ، فهى فى مذكراتها تشير الى هذا
الجانب من حياتها : " .. أشعر طول الوقت انني
شخصية مزيفة تقلقني علاقتي مع الرئيس و اخيه ولا استطيع ان احل مشكلة طفولتي المتشردة
لا اشعر انني نجمة ، و ما اطلبه هو بعض السعادة واريد ان اعرف من هو ابي الحقيقي ولا
اعرف عن نفسي ان كنت لقيطة ".
من خلال هذا الكتاب نتعرف على نهم مارلين للأدب
الى درجة كبيرة ، والادمان على القراءة لكبار الاسماء فى الآداب العالمية كجيمس جويس و
شتاينبك ، ولهذا نراها فى حياتها تتعرف وتصادق الكثير من الاسماء الادبية اللامعة
فى امريكا ، بل وترتبط بأهم كتاب المسرح فى الولايات المتحدة الامريكية (آرثر
ميللر) الذى تزوجته فى العام 1956 .
من يقرأ القصائد الشعرية لمارلين سيعتبر
بعض نصوصها عادى ، غير مميزة ، وربما وقت كتاباتها للكثير من تلك القصائد لم تكن
تقصد نشرها فى أى مكان او أن يراها الاخرين على نطاق واسع ، ربما كتبت لنفسها بالدرجة الاولى ، رغم ذلك
لن يقدر القارىء لتلك النصوص الشعرية أن يمنع نفسه من التعاطف مع المشاعر التى
تسكبها فى كلماتها ، معبرة عن احساس متنامى بالمأساة التى تعيشها كجسد مغرى يُعامل
كسلعة ، عن وحدتها ، ومعاناتها الوجودية .
هذه الصورة التقطت لمارلين فى يونيو 1962 اى قبل رحليها بخمسة اسابيع فقط |
وقد جسدت مارلين فى معظم أفلامها شخصية الحسناء الساذجة كما أراد صانعو الأفلام و
المنتجون السينمائيون فى هوليود ، تقديمها فى السينما العالمية مرسخين لصورة معينة
حول النساء الشقراوات وعن ذكائهن ، رغم توق مارلين للعب أدوار لشخصيات نسائية أكثر
جدية وعمق ، ولكنها فشلت فى ذلك ما عمَق من وحدتها وعجزها التعبير عن ذاتها ، مع
شهرتها المتزايدة وهوس الصحافة والناس بحياتها الشخصية حرمها من العيش بشكل طبيعى
، والاستمتاع بأبسط أمور الحياة اليومية لملاحقة المصورين والصحفيين لها ، لهذا
قضت أوقات طويلة من حياتها كنجمة حبيسة الوحدة ، ولم ترغب مارلين فى العيش تحت
الاضواء والشهرة معظم الوقت ، وتاقت نفسها إلى حياة أخرى تبث فى اعماقها الفرح الحقيقى،
رغم أن صورها المعروضة تظهرها فى صورة المرأة الضاحكة السعيدة ، وتقدمها كمثال
للجمال والرغبة والإثارة .
رغم مرور السنوات على رحيل مارلين مونرو عن
عالمنا ، تزال تشغل الناس فتصدر كتب السير الذاتية حولها ، كما صورها لاتزال
الأكثر مبيعا ، وافلامها تلاقى اقبال لدى الأجيال المختلفة ، ولايزال تأسيس نواد
لمعجبى مارلين يزداد عام بعد آخر .
فى الذكرى العاشرة لوفاة مارلين عام 1972كتبت
صديقتها سوزان ستراسبورغ .. "ستستمر الآن وأبداً تتلألأ بضياء أكبر مما
تتصوره هي نفسها لو كتب لها البقاء "، كما ألف النجم الانجليزى ألتون جون
أغنية بعنوان شمعة فى مهب الريح ، أظنها الاكثر تعبيرا عن حياة هذه النجمة المدهشة
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق