هل تحول التربية المسيحية
المتزمتة دون العثور على السعادة ؟
تحاول الروائية الامريكية "سارة
دان" الاجابة عن هذا السؤال من خلال حكاية "أليسون هوبكينز" التى
تبلغ من العمر 32 عام تتعرض لصدمة عاطفية كبيرة من خلال تخلي صديقها توم عنها ، بطريقة
مهينة ، إذ يتصل بها من هاتف عمومي ليعلمها عن قرار تركها بعد أن ادعى بأنه ذاهب
ليشتريخردل لحفلة عشاء تقيمها أليسون في بيتهما ، وتعرف بعدها بإن
توم حبيبها كان يخونها مع صديقته القديمة لمدة خمسة اشهر قبل أن يختفي من حياتها.
تعمل أليسون في صحيفة محلية
تقدم مواد ومواضيع هابطة و رخيصة ، لا تسعى أليسون لتحسين وضعها الوظيفي او المادي
، بل تكتفي بالقليل من كل شىء في الحياة ، فهي تلقت تربية مسيحية أنجيلية متزمتة ،
تعكسها في حديثها حول الافكار والقيم التي تربت عليها إذ تظل تكرر عبر صفحات
الرواية بإنها لم تخوض غمار مغامرات جنسية كغيرها من الامريكيات من جيلها للخلفية
الدينية المتشددة التى نشأت فيها بأسرتها
، و ترددها لسنوات طويلة على دور العبادة ، والمؤسسات الاجتماعية الملحقة بالكنائس
الانجيلية ، وعن علاقاتها الجنسية التى لم تتعدى ثلاث أشخاص اولهم صديقها صاحب
الميول الشاذة ، والثاني توم الذي تعيش معه لأربع سنوات قبل أن يغادرها لصديقته
القديمة ، و اخيرا رئيسها بالعمل هنري الجذاب الذي ترتمي بين ذراعيه في علاقة جنسية
، لاتستمر فترة طويلة ، بل يتم التخلص من وجودها بالصحيفة ، و يقرر هنري أن تتوقف
علاقتهما فى اطار التسلية والتغيير ، لتعود وتغفر لتوم الحبيب الخائن ، ثم تقرر أن
تتركه فى غمرة مراجعاتها لنفسها.
تجربة خيانة توم لها وهجرانه
لها بطريقة مهينة ، ثم عودته لحياتها تدفع أليسون لاكتشاف أن الوقت قد حان لتقويم
حياتها العاطفية ، فتغوص في تساؤلات عميقة حول التربية الاسرية ، و علاقة الدين
بحياتها العاطفية ، وإذا
كان لتلك التربية المسيحية الانجيلية علاقة ببقائها دون خوض علاقات غرامية مثل ما
هو معتاد من بنات مجتمعها و تأخر ذلك حتى سن الخامسة وعشرين ، وهل يختلف مذاق
السعادة بنظرها لو عاشت حياة عاطفية وصاخبة مثل قريناتها في سنوات ابكر ، وإن كان أساسا
يوجد حب حقيقي؟
تستعمل الكاتبة أسلوب بسيط
نوعا ما في تناول تلك الافكار والتساؤلات ، ولكنها لاتبدو مرتبة ، هناك مواضع
تستطرد حتى ينسى القارىء ماسبقه من أحداث ،يطغى الحوار الداخلي الذي نتعرف من
خلاله على مشاكل وأزمات أليسون ، وتكاد تغيب الاحداث عن السياق السردي، فهناك
تباطيء يبعث على الملل .
كما تبدو شخصية أليسون سطحية
في بعض المواضع ، وتبدو كأنسانة مهووسة بالجنس الى حد مبالغ فيه بالنسبة لامرأة فى
عمرها وأسلوب حياتها ، و المجتمع الذي تعيش فيه ، بالاضافة إلى ان طردها من العمل
لم يظهر أنه كان له تأثير كبير عليها ولو نفسيا .
هذه الرواية تعكس جزء من افكار دينية موجودة
بالمجتمع الأمريكيبالكاد يظهر في وسائل الاعلام الامريكي او الافلام الامريكية
التي تروج صورة مختلفة لمجتمع لاديني،
لايضع الدين او المتدين لهم الأولوية ...
برأيى لو اصبح عنوان الكتاب
(الجنس و الدين وأنا ) ربما أدق من العنوان الذى يحمل "الحب الكبير "
فهى لم تتناول جوانب عاطفية وجدانية عميقة بقدر ماركزت على الجوانب الجسدية فقط ،
لتأتى فى اخر صفحة فى الرواية لتشير لحاجتها لعاطفة الحب ..فى هذا الكتاب تحديدا
جذبنى ماكُتب حوله قبل سنوات فى مواقع مراجعات الكتب التى تناولته وكأنه عمل أدبى
فريد ، لتقوم دار العلوم بوضع دعاية على غلاف الكتاب بأنها الرواية التى تمت
ترجمتها ال 123 لغة ، ماجعل فضولى يتغلب على خطتى للقراءة لشهر فبراير ، بعد عثورى
على النسخة التى حصلت عليها من فترة طويلة ونسيتها.
فى النهاية يكتشف القراء
الشغوفين سخرية وعبثية دار النشر بتسويق هذا الكتاب تحت دعاية الترجمة لمايزيد عن
المائة كتاب ، لعمل لايستحق حتى عناء الترجمة ، مقابل اعمال ادبية وفكرية وعلمية
تستحق وتنظر من يقدمها للقراء فى العالم العربى .
أحِس أن تجربة قراءة تلك الرواية مشابه من وجهة نظري لتجربتي لقراءة رواية " هوس "
ردحذفتخدعنا كثيراً العناوين و الأغلفة و الحيل الرخيصة من دور النشر .. كتب لا تستحق ان توضع على الرف
و انما في القمامة ..