يتضمن
هذا الكتاب تجربة طالب سعودي يدرس في لندن
لنيل درجة الماجستير فى الترجمة ، ويتناول فى فصول الكتاب الصغير مشهد وداع أسرته
بمطار الرياض حتى وصوله للندن و الانطباعات الاولى لمدينة الضباب ، يحكى بأسهاب
نوعا ما عن المطر و مشاعره تجاه المشي تحت المطر وهو القادم من بيئة حارة ، عن
افتقاده لحرارة الشمس ونورها طوال الساعات فى طقس غائم ، عن خيبة أمله حول بساطة
الطلبة الدارسين او الاساتذة والموظفين بمدرسة الدراسات الشرقية والافريقية بجامعة
لندن ، يحدث القارىء عن النظام التعليمى بالكلية ، و يعرفه على المواد العلمية
التى يدرسها، وعن زملائه الطلاب .
يسرد ذكرياته ومشاهداته حول العادات والنظم
للأنجليز، وأساليب المعيشة بمدينة عالمية تحاول ان تمنح سكانها فرص للتعبير عن
التنوعات فى ثقافات قاطنيها ، عن بعض المواقع والمبانى والشوارع التى تملك تاريخ
وسمعة عالمية ، او التى تعتبر مزارات سياحية شهيرة كشارع اكسفورد ، و شارع اجورد روود
، والمحلات والمخازن اللندنية الشهيرة كهارودز ، و السلفردج ومنتزهاتها كجيمس بارك
أو الهايد بارك .
يروى
تجربة صيام شهر رمضان للمرة الأولى وحيدا ، وبعيد عن أرض الوطن وبيت العائلة ،
معاناة الصائم وسط بيئة وثقافة مختلفة ، عن الارهاق والتعب والراحة الروحية التى
تمنحها الصلاة ، عن اول عيد فطر وعيد اضحى عاشهما بغربته الاختيارية القصيرة .
ويتوقف
عند بعض المواقف التى حصلت معه فى تواصله مع الأخرين سواء من زملاء السكن أو
الدراسة ، يركز على فقدان المجتمع الانجليزى للقدرة على التواصل بين الجيران أو
الاصدقاء او الغرباء ، لايتوقف المؤلف عن
تنبيه القارىء فى المقدمة و عبر صفحات الكتاب من أن هذه اليوميات لا تمثل دراسة مستفيضة
لمجتمع لندن ، أنما هى أقرب لانطباعات وخواطر شخصية .
الكتاب
صغير الحجم ، لاتتجاوز عدد صفحاته ال116 ، مكتوبة بلغة مكثفة و مركزة حول بعض
الجوانب ، تحمل نوع من الاسهاب حول مشاعر المؤلف والمطر فى بعض الصفحات ، فيستشهد
بقصيدة بدر شاكر السياب الشهيرة "أنشودة المطر" .
لم
يوفق المؤلف فى طرح بعض المواقف والاستعانة بها للتدليل على قساوة ومادية الحياة
بالغرب ، إذ برأيى تحمل تصرفات أولئك الناس اكثر من تبرير ، أيضا لم يتوسع فى
تناول انطباعاته وزياراته لبعض المواقع واكتفى بذكر القليل ، العنوان "نحو
المجهول يوميات طالب سعودى فى لندن" لم أجد له أى انعكاس ، إذ كانت الامور
تسير بسلاسة فى اجراءات التسجيل والقبول ، وحتى مسألة السكن لم تكن عائق كبير كما
كانت فى تجارب طلبة أخرين ، وبالاضافة إلى توفر معلومات كثيرة حول لندن فى الاعوام
الاخيرة بالاخص مع تدفق العرب إليها منذ السبعينات ، فلو كانت الرحلة فى تلك
السنوات لربما تفهمت مخاوف وشكوك وهواجس المؤلف ، بالمجمل هو كتاب مسلى ، ومناسب
الاطلاع عليه لتعرف على تجارب الاخرين فى الحياة ، جاء اختيارى له كنوع من التغيير
فى نوعية المواضيع ، بالاضافة لميلى القوى تجاه كتب الرحلات والتجارب الذاتية
والحياتية .
***
هنا
قراءة جميلة لقصيدة أنشودة المطر للشاعر العراقي بدر شاكر السياب :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق