الخميس، 12 يناير 2017

حول رأس السنة وفقا للتقويم الامازيغى...



 اتخذ الامازيغ بشمال افريقيا من حدث تاريخي بداية لحساب السنة الامازيغية ، الحدث هو إعتلاء الأمير الليبي شيشنق ، زعيم قبيلة المشواش، عرش وادي النيل ، بعد وفاة الفرعون العجوز بسيخينو الثاني سنة 942 ق.م تقريباً . وقد ساهم شيشنق ، إبن قبيلة المشواش التي هاجرت ليبيا لتستقر في وادي النيل في تلك الازمنة القديمة ، خلال حكمه لوادي النيل على إعادة إستقراره ونشاطه الداخلي وممتلكاته ونفوذه الخارجي ، كما عرف شرق ليبيا ازدهار وسلام في تلك الفترة .

و تبدأ رأس السنة ، وفقا للتقويم الامازيغي ، يوم 13 يناير الذى يسمى (يان ءير) أي الشهر الاول في السنة ، ويرجح أن الأخذ بهذا التقويم بدأ منذ عصور قديمة ربما ترجع لنهاية العصر الحجري الحديث في شمال افريقيا بعد معرفة انسان تلك الفترة الزراعة بشكلها البدائي ، مماتطلب الأمر  من المزارعين على التخطيط لعملهم السنوي وفقا لدورة الفصول ، وبهذا يعتبر التقويم الامازيغي تقويم زراعي بامتياز فهو يعتمد على الدورة الزراعيه وماتنتجه الارض من غلال وكل شهر له ارتباط بهموم وشؤون الفلاحين ، وهناك طقوس تتعلق بكل مرحلة من مراحله ، بل إن مظاهر الفرح والعادات والتقاليد يقصد منها جلب المطر مثل عادة تاسليت نـ ونژار (أمك طنبو) .


إذ كان الاطفال الصغار يقومون بإحضار لوحتين خشبيتين ، يتم تركيبهما على شكل علامة(+) لصنع هيكل دمية تُعرف بإسم (أمك طنبو حيث بها الصغار يجوبون أزقة وشوارع الأحياء ويدخلون بها البيوت مرددين أهزوجة شعبية من باب التفاؤل بهطول الأمطار الغزيرة فى شهر (يان ء ير) تقول كلماتها:

 أمك طنبو يا صغار تبي اللو والنوار..
أمك طنبو بصخيبها تطلب من ربي ما يخيبها.
أمك طنبو فوق البير جرتها بالغدير..
أمك طنبو فوق الحيط امسح جرتها بالغيث.

لوحة أم طنبو لرسام الليبى عوض عبيدة
 أما في ما يتعلق ببداية ظهور واستعمال مصطلحي "التقويم الأمازيغي" و"السنة الأمازيغية"، فيعود الأمر إلى أواخر الستينيات حين قررت الحركة الثقافية الأمازيغية أن تجعل بدايته في ارتباط بالحدث التاريخي الذي تمت الإشارة إليه أعلاه .

منذ العام، 2012، و للمرة الأولى في ليبيا خلال الخمسين سنة الماضية احتفل الليبيون الناطقين بالامازيغية بهذه المناسبة بعد سقوط نظام القذافي، حيث اعتبروا هذه المناسبة عطلة رسمية في مناطقهم و قراهم .

وبعيدا عن توظيف هذه المناسبة من قبل حركات ومطالب معينة ، فإن الاحتفال بهذه المناسبة والاحتفاء بالتقويم الأمازيغي يجب أن يأتي في إطار محاولة فهم هذا التقويم ضمن قراءة جديدة للتاريخ الليبي ، وربطه بالهوية والعادات والموروث الشعبي والتنوع الثقافي .

فقد استخُدم في ليبيا بين المزارعين والمشتغلين بالفلاحة تقويم مناخي قديم مرتبط بدورة الفصول و عُرف شعبيا حتى لدى أهل المدن ، ويُرجح أن هذا التقويم يعكس موروث مشترك مع باقي سكان شمال افريقيا من الأمازيغ ، فتسمية شهر فورار الشائعة في التقويم الليبي القديم هي نفس التسمية في التقويم الأمازيغي .

هذا ويرتبط هذا الاحتفال بحكاية مشهورة تتداول في معظم بلدان شمال أفريقيا عن سخرية عنزة من شهر يناير متفاخرة بصحّتها الجيدة، مما اغضب هذا الشهر فتهددها قائلا :"نسلّف نهار من عمّي فورار يخلّفلك قرونك خلف الدار يلعبوا بيهم الصغار " ودفعه لاقتراض يوم من فبراير للعودة وقتل العنزة بالبرد القارص في فبراير أو فورار .

كما أن  يوم 13 يناير يوافق خروج الليالي البيض التي تستمر 21 يوم لتدخل بعدها في اليوم التالي 14 يناير مايعرف بالليالي السود لتستمر حتى يوم 3 فورار ، أي 3 فبراير .
ويحمل الموروث الشعبي الليبي الكثير من القصص والروايات التي تناقلتها الأجيال ، تتعلق بالتقويم القديم وارتباطه بالمعيز او العنز ، إذ تسمى الفترة مابين 14 فورار أي 14 فبراير حتى يوم 20 من نفس الشهر ، تسمى هذه الفترة "بقِرة العنز" من تأثير البرد القارس على الحيوانات ، وتصور الحكايات الشعبية تأثيرات الطقس في حوار على لسان العنز تقول لآخر يوم في الليالي البيض: "عديت ياطوبي مابليت عقوبي" ، فيقول لها : "عدي لخوي فورار إيحط قريناتك في النار (يقصد به شهر فبراير) " .

ويعتبر احتفال الليبيين الناطقين بالامازيغية بهذه المناسبة تأكيد على ارتباطهم بالأرض ويكرس فهمهم الخاص للحياة ، إذ الملاحظ أن القاسم المشترك بين مختلف العادات والطقوس التي تقام خلال رأس السنة الجديدة هو ارتباطها بالأنشطة الزراعية ، من زرع وغرس للأشجار والمحاصيل وتربية الماشية ، يعكس مدى الاحتفاء بدورة الحياة.

هذا و تختلف طقوس وعادات وتقاليد الاحتفال بالسنة الأمازيغية داخل بلدان شمال إفريقيا من منطقة إلى أخرى ، بل نجد أن هذه العادات والتقاليد تختلف حسب الجهات المكونة لبلد واحد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق