تدور أحداث رواية ثُؤْلولْ حول سلوي وهي مراهقة
كويتية فى فترة الغزو العراقي لبلدها تتعرض للاغتصاب من جندي عراقي بحضور أهلها ،
لتحمل فى احشائها بطفل ذلك الجندي المجهول ، وبعد فشل محاولات عديدة لأجهاض الطفل ،
تقرر العائلة أن تأخذها إلى القاهرة كي تضع مولودها هناك، وليدعون لاحقا ً أمام
العائلة والأقارب والجيران أن أم سلوي
حملت به فى فترة الغزو ، فيصبح طفلها هو أخاها الصغير أمام المجتمع ، ليكبر
"جابر" محاط بأسرار ولادته وأصله و سر مغادرة سالم الأخ الكبير
لسلوي لبيت العائلة بالكويت وغيابه عشرين
عام عنهم ، عن برود العلاقة بين الأبنة ووالديها اللذان يريان فى ابنتهم تؤلول ظهر
على جلدهم و يعجزون عن التخلص منه، وعن الارتباط القوي بين سلوي وجابر تدور أحداث
الرواية التى تتولى فيها سلوي سرد الأحداث
من وجهة نظرها بدء ً من العام 1988 حتي العام 2014.
تنجح سلوي فى أن تجد لنفسها رغم قتامة
التجربة التى مرت بها وهي فى سن صغيرة ، تنجح فى أن تعيد بناء حياتها بعد سنوات
طويلة من المعاناة مع الآثار النفسية السيئة لمامرت به .
تستخدم ميس أسلوب السرد الغير متسلسل ، أى
بعيدا ً عن السرد الأفقي ، فتقفز من العام 1995 إلى صيف 1997 ، ثم تستمر فى العودة
للوراء ، كما تنقل القارىء الى سنوات أحدث كالعام 2004 ، حيث نبهت المؤلفة القارىء
الى استخدامها لهذا الأسلوب السردي فتقول :" سأقفز بين السنوات بلا تسلسل منطقي بالنسبة لكم
،غير أن رابطاً يتماهى وتاريخ البطلة سيوصلكم للحقيقة ،فأغفروا لى" ، حيث
اتاح لمؤلفة أن تحكي لنا تفاصيل حياة سلوي والتحولات التى مرت بها نفسيا ً وحياتيا
ً ، مقرونة بتاريخ البلد منذ الغزو العراقي حتي الثورات العربية .
تبرع المؤلفة فى نقل مشاعر واحاسيس
مراهقة وجدت نفسها أم فى سن صغيرة لم يتسني لها الوقت أن تكبر على مهل وتكتشف
الأمومة فى وقتها ، وتضارب مشاعرها من نفور وحب لثمرة ذلك الاعتداء ،و من خلال
تصوير مشاعرها وافكارها وتأملاتها نري عبر عيون سلوي وضع المرأة فى الحروب والقهر
الذى يمُارس عليها ، كيف تخلي عنها والدها واخاها خوفا ً من القتل ، ثم مارسا
عليها التجاهل والأهمال وكأنهما يحملانها ذنب ماوقع لها من اعتداء .
تبدو حكاية سلوي عادية لكن للمؤلفة
أسلوبها وجملها وتشبيهاتها الأدبية الساحرة التى تشد القارىء لأكمال الرواية حتي
نهايتها ، رغم أن المعالجة المبسطة نوعا ما ً فى بعض المواضع خاصة فى مرحلة مابعد
الولادة وحتي دخولها للجامعة فهي تقفز بسرعة عليها دون أن تمنحها الاهتمام الكافي
وهي المرحلة الأهم على الصعيد النفسى للضحية .من الجوانب التى لم تعجبني فى
الرواية بعض اجزاء المونولوج الداخلي للبطلة أقرب للوعظ والمباشرة والتسطيح فى
التحليل والتأمل حول قضايا كثيرة كالدين والله و السياسة و التاريخ العربي المعاصر
.
نجحت الروائية الكويتية ميس العثمان فى
رواية ثُؤْلولْ فى تسليط الضوء على قضية انسانية هامة وحساسة ، إلا وهي ضحايا
الاغتصاب فى الحروب والنزاعات المسلحة كيف يتحولن الى ضعيفات لايسيطرن على مصائرهن
، ثم تجاهل مآسيهن وآلامهن ومشاكلهن فى مرحلة مابعد الصدمة ، وعودة الحياة لمسارها
العادي تظل حياتهن ومآساتهن خارج دائرة الاهتمام ، بل يتحولن الى ثآليل يرفض
المجتمع والدولة التعامل معه إلا فى ماندر.
****
ميس خالد العثمان كاتبة وروائية من الكويت
، مجازة فى الإعلام والاتصال من جامعة الكويت، تعمل حالياً باحثة في العلاقات العامة
في "دار الآثار الإسلامية". صدرت لها عدة كتب تنوعت بين الرواية والقصة
القصيرة ، فازت بجوائز عديدة منها : جائزة "الشيخة باسمة المبارك" للقصص
القصيرة عام 2004 ، جائزة "ليلى العثمان للإبداع السردي" عام 2006 . صدرت
رواية ثُؤْلولْ فى العام 2016 عن دار العين بالقاهرة ، هي الرواية الخامسة للكاتبة الكويتية ميس خالد
العثمان .
موضوع الرواية موضوع شائك. من الغريب أني لم أسمع أحداََ يتحدث أو يكتب عنها. خصوصاََ مع الأوضاع الحالية. شكراََ لمشاركتك الرواية على المدونة . أرجو أن أجدها في المكتبات.
ردحذف