الجمعة، 5 فبراير 2016

يوميات عمار جحيدر فى رحلته البحثية فى الخزائن العلمية بالمغرب العام 1989...

 كتاب "يوميات مغربية" لعمار محمد جحيدر هو فى الأصل سلسلة نُشرت بمجلة (شؤون ثقافية) الليبية على أربع حلقات ، قبل أن يتم جمعها و نشرها فى كتاب صغير الحجم من 192 ورقة ، فى العام 2010.


وفى هذا الكتاب يوثق الباحث الأكاديمي عمار جحيدر لرحلة علمية قام بها للمغرب فى العام 1989 حيث استغرقت 27 يوم قضاها فى التنقيب والبحث فى الخزائن العلمية بالمغرب وتصوير المخطوطات او نسخها ، يقول الأستاذ عمار عن هدف هذه الرحلة : ".... اشتدَّ بي الحنينُ إلى هذه الزيارة المرتقبة منذ أن استغرقتُ في البحث التاريخي، وبخاصة في الحياة الثقافية والعلاقات الفكرية بين البلدين، وكنتُ أرصدد كثيراً من عناوين المخطوطات وأرقامها في الخزائن المغربية، وأُمَنِّي النفسَ بالاطلاع عليها، ولكنَّ الظروف حالت دون الزيارة " . 

وصل الاستاذ عمار جحيدر يوم  25 مايو 1989  للدار البيضاء فى ساعة متأخرة من الليل، ليبدأ نهار اليوم التالى رحلة البحث والتسجيل لأرقام ومحتويات المخطوطات المحفوظة بخزائن المكتبات والجامعات المغربية . 

***
وقد سجل في اليوميات معلومات مفيدة عن المكتبات والكتب،و الدوريات، والرحلات، و عن المطبوعات النادرة والمخطوطات الثمينة ، وعن جولاته فى مكتبات المخطوطات، حيث كان يسابق الزمن كي يطلع على اكبر قدر ممكن منها قبل ان تنتهي رحلته التى امتدت ثلاث اسابيع ولايراها كافية كي تشبع نهمه العلمي إذ يقول عن ذلك : " ...منذ كنت أحلم بزيارو الرباط ، كان يملأ نفس أيضا ً- فضلا ً عن الاطلاع على الوثائق والمخطوطات وتصويرها- شراء الكتب والدوريات ماأمكنني ذلك".

كان خلال اقامته تلك يركز جهوده للاطلاع على المخطوطات المتعلقة بالتاريخ الثقافي الليبى وتصوير او نسخ مايقدر عليه ، وبحديثه المفصل حول محتويات تلك المخطوطات يرشد القارىء لما تحتويه الخزائن من مخطوطات الرحلات المتعلقة بتاريخ ليبيا الثقافي ، حيث يعثر على نسخه من (رحلة المني والمنة) للرحالة الشنقيطي أحمد المصطفي بن طوير الجنة بالخزانة العامة مصورة على الميكروفيلم ، وقد أشار جحيدر إلى اهتمام أهالى بنغازي بالرحالة و إلى مخطوط ألفها بناءً على طلب أهالى بنغازي ودرنه بعنوان (فيض المنان فى الرد على مبتدعة الزمان ) ردا ً على طائفة سماها (المعتزلة) ، وقد حرص الباحث على البحث عن المخطوط والحصول على نسخه مصورة ، إذ يقول عن ذلك :" ...سررت به وضممته فورا ً إلى المختارات، لنقف فيه على أبعاد تلك المسألة وظروفها ، خاصة وأنها تتعلق ببنغازي التي تقل النصوص حولها ، كما أنه مع الرحلة يمثلان نصوصا ً أخيرة للعهد القرمانلي".

قضى الاستاذ عمار وقت فى المكتبة الكتانية الشهيرة بالخزانة العامة باحثا ً عن أى معلومات تتعلق بالمثقف الطرابلسى (حسونة الدغيس) الذى عمل سفيرا لليبيا فى اوربا ، وقد فار من طرابلس بعد وقوعه ضحية للصراع بين يوسف باشا القرمانلي و القنصلين الإنجليزي و الفرنسي بعد مقتل الرحالة الإنجليزي جوردن لنج قرب تنبكتو (1826) ، حيث وصل الدغيس فى رحلة الهروب الى فاس التى طالت اقامته بها بعض الشىء فتمكن خلالها من الاتصال ببعض العلماء والتفاعل معهم ، حيث إجاز ابن رحمون المحدث المشهور . 

كما يحدثنا عن زيارته المؤرخ الكبير الدكتور عبد الهادي التازي الذى عمل سفيراً للمغرب بطرابلس خلال الستينات ، كما نشر ما سجله الوزير الإسحاقي في رحلته عبر الأراضي الليبية، حيث تشعب الحديث بين الاستاذ عمار والدكتور التازي حول قضايا ومسائل ثقافية وتاريخية عديدة .

***
كان الاستاذ عمار يقوم على تسجيل يومياته نهاية كل يوم عندما يعود للفندق حيث يوثق أحداث النهار وحصيلة جولاته وابحاثه ولقاءاته وأحاديثه العلمية والأدبية مع الكثير من الشخصيات الأكاديمية المغربية او العربية التي ألتقاها برحلته تلك ، مستعملا لغة عربية جميلة ورشيقة ، وأسلوب سلس ومشوق ، لايخلو من الفائدة ، كما لا يبخل على القارىء بوصف مشاعره وعاطفته المتدفقة وهو يتجول ويكتشف خزائن ومكتبات خاصة وعامة ، يشركنا فى لحظات الخيبة و الأمل .

***
عمار محمد جحيدر ( 1953-  ) درس وتخرج من جامعة الأزهر، نال درجة الماجستير في التاريخ الحديث من جامعة استانبول سنة 1996، ويعمل حاليا في المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية، كما يقوم بالتعاون بالتدريس فى كلية الدعوة الإسلامية وجامعة طرابلس (الفاتح سابقا ً.

بعض مما صدر من تأليفه :  آفاق ووثائق في تاريخ ليبيا الحديث، مصادر دراسة الحياة الفكرية في ليبيا في العهد القرمانلي، المخطوطات العربية في ليبيا ، أطياف من تاريخ ليبيا الحديث ومؤرخيه .

كما له اسهام فى تحقيق كتب مهمة فى التاريخ الليبى منها : المشاركة في تحقيق اليوميات الليبية لحسن الفقيه حسن ، وحملة نابولي على طرابلس (1244ﻫ/1828م).

وشارك في عدة مؤتمرات علمية في ليبيا، وتونس، وتطوان والقاهرة ،وحلب، ومكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق