هالة الوافي
مدرسة لغة عربية جزائرية فى منتصف العشرينات من عمرها ، تعود جذورها إلى منطقة
مروانة بالشرق الجزائري ، والدها المطرب وأخيها طالب الطب يقُتلان على يد
الإرهابيين الإسلاميين فى الجزائر فى زمن العشرية الحمراء ، ترحل هالة مع والدتها
السورية الى بلدها حث تنطلق فى عالم الغناء لتصنع لنفسها اسم يكبر مع الوقت .
تجد هالة نفسها مطاردة من "طلال
هاشم"رجل اعمال لبناني خمسيني يلاحقها بالورود والهدايا والعروض الابهارية
بعد أن جذبته بحديثها فى برنامج تلفزيوني ، بين بيروت وباريس وفيينا تدور أحداث
رواية الأسود يليق بك ، لتنتهي بطريقة متوقعة لمن يعرف أسلوب احلام .
****
لم تعجبني
شخصية هالة الوافي فقد بدت متناقضة مع ماوُضع على لسانها من استعراض لقناعاتها ومبادئها كامرأة تعتز بإستقلاليتها
وكرامتها ، فطوال أحداث الرواية من بعد دخول طلال لحياتها وهي تتقبل المعاملة
السيئة من الحبيب صاحب المزاج الصعب ، الذى يعاقبها على أخطاء لاذنبها لها فيها ،
ويضعها فى اختبارات غير منطقية كمثال ركوبه معها الطائرة من بيروت لباريس أربع
ساعات قبل أن يتركها بالمطار دون أى اتصال مقاطعا ً لها ومعاقبا ً لكونها لم تتعرف
عليه وهو واقف قريبا منها فى أول موعد عاطفي بينهما بعد شهور من المطاردة وأرسال
باقات الورود والبطاقات الصغيرة .
كما أن العلاقة
بين هالة وطلال تقوم على مصادفات غير مقنعة ومواقف مفتعلة ، كمثال خشيته من الظهور
معها فى الأماكن العامة بباريس خوفا ً على سمعته وحرصا ًمشاعر زوجته ، ثم نتفاجىء
فى موضع آخر فى الرواية بتجواله مع هالة فى شوارع باريس متوقفين أمام محل للساعات
باهضة الثمن اعتاد شراء هداياه منه ، أيضا قضاء الحبيبين ليلة كاملة فى غرفة فندق
فخم دون أن اى تلامس جسدي هو نوع من المشاهد الروائية الساذجة خاصة وأن طلال هاشم
لم يخفي رغبته الجسدية بها منذ شاهدها فى تلك المقابلة التلفزيونية ، كما أن شخصية
طلال كرجل اعمال كما قدمته أحلام فى الرواية هو من ذلك النوع الذى يصرف الكثير على
نزواته وملذاته ، ولديه نساءه وعشيقاته فى مدن عديدة .
النهاية جاءت متوائمة مع نوع العلاقة المقدمة فى
الرواية بين هالة وطلال فلم يكن حب عظيم كما حاولت مستغانمي تصوير مشاعرهما فسرعة
انكسار العلاقة وهشاشتها لاتعكس إلا علاقة تملكية استحواذية من طرف طلال تجاه هالة
المبهورة بالعروض الباذخة لطلال الثري التى تستسلم له من قبل ان تتعرف عليه ،فهي
تنتظر حب مفترض من بعد باقته الأولي لها ، ربما الرواية تعكس العلاقة بين عالم
الفنانات ورجال الأعمال،وهذا موضوع جيد ولكنها لم تنجح فى استغلاله كي تصنع منه
عمل روائي يستحق أن يضاف إلى رصيدها كروائية .
أما من ناحية
اللغة والجوانب السردية فى هذه الرواية فهي كعادتها تلجأ لأستخدام لغة شعرية مبهرة
تميل فيها للإستعراض المبالغ فيه ، خاصة عندما تطيل الوصف فى بعض أجزاء الرواية
بطريقة تبعث على الملل، كما استخدمت المنولوج الداخلي لكلا البطلين من خلاله نتعرف
على الكثير من ملامح وأحداث الحياة الخاصة لكليهما، وأن جاءت باقي الشخصيات بالعمل
باهتة الحضور، رغم أن علاقة اخيها علاء بحبيبته هدي طالبة الإعلام تستحق ان يفُسح
لها المجال لتأخذ مساحة اوسع بالرواية كي تضفي قيمة أكبر على العمل إلا أنها
تجاهلتها وركزت على بطلي الرواية فقط .
كما أن
محاولاتها لحشر بعض المواضيع والقضايا المهمة على لسان البطلة لقضايا كالهجرة غير
الشرعية ، و البطالة والتضخم فى الجزائر ، و الدكتاتورية فى البلدان العربية ، و
العشرية الحمراء بالجزائر فى التسعينات ، والإرهاب جاء بطريقة سطحية لا تخدم النص
او تضيف رؤية جديدة حولها.
****
أثارت رواية
الأسود يليق بك ضجة كبيرة ربما لم تحدثها أعمال روائية وأدبية لها عمق وقيمة أكبر
صدرت بنفس الفترة ما احدثه صدورها ، حيث سبق ظهورها بالمكتبات حملة تسويقية كبيرة
فى وسائل الإعلام جعلت من قراء أحلام يتلهفون على اقتناء الرواية حيث بلغت
مبيعاتها مايفوق المليون نسخة حسب ماأذُيع فى الإعلام ، حتى بدت للقارىء الشغوف او
القاري العادي تحفة أدبية ،يبدو الاحتفاء والضجيج المبالغ فيه جزء من حيل تسويقية
رخيصة للكتب الرديئة أو التى تُقدم اكبر من قيمتها الحقيقية.
****
لم
استعجل قراءة "الأسود يليق
بك" فور نزولها بالمكتبات وتوفر نسخ ألكترونية لأني لا أحب أن أقرا أو اشاهد تحت
تأثير الدعاية المبالغ فيها ، ووجدت هذا اليوم فرصة لقراءة الرواية أثناء قضائى وقت
طويلة مع والدتي بالمصحة الإيوائية التى ترقد فيها جعلتني أقطع الوقت بقراءتها ،
أقر بأن الرواية نجحت فى تسليتي والتخفيف عني فقد استمتعت باللغة الباذخة المفرطة
فى استعراضياتها ، وبالمشاهد العاطفية والمصادفات المفتعلة التى تذكرني
بالمسلسلات المكسيكية ، كما أن ملامح وشخصية البطل بدي لى امتداد لإبطال سلسلة
روايات عبير الشهيرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق