يتناول فيلم
"ثورة اليمن" انقلاب عبدالله السلال ورفاقه من قادة الجيش والمثقفين من
خريجي الجامعات فى شهر سبتمبر بالعام 1962 م من خلال حكاية الشاب اليمني منصور
الذي يعود إلي بلاده بعد تخرجه من جامعة القاهرة فيكتــــشف طغيان الإمام احمد بن
حميد الدين الذى حول اليمن إلى سجن كبير بعد أن ضيق على اليمنيين حرية الحركة
وعزلهم عن العالم الخارجي ، و لهذا لم يكن الإمام يثق فى من يدرس فى الخارج فيعطي
أوامره بقتــــل الشاب منصور الذى ينجو من الموت بإعجوبة لينظم لتنظيم سري بالجيش
اليمني الذى ينجح فى الإطاحة بحكم الإمام .
يدخل هذا
الفيلم ضمن انتاج السينما الدعائية للنظام المصري بفترة حكم جمال عبدالناصر والتى
لم تنجو السينما المصرية من الهيمنة عليها وتحويلها لبوق دعاية ولشن حملات التشويه
والتظليل ضد الخصوم السياسيين لنظام عبدالناصر داخل وخارج مصر .
لقد سبق لى
مشاهدة أفلام كنوع من الدعاية السياسية خلال السنوات الماضية ولكن هذا الفيلم برأيي أحد
أسوء مايمكن مشاهدته فى تاريخ السينما العربية الذى يتناول أحداث تاريخية من زاوية
دعائية مفضوحة سياسيا ً، وركيكة من نواحي فنية، إذ غلب على الفيلم ضعف الحبكة
وتخشب أداء الممثلين بدون استثناء ، ومباشرة السيناريو ، واحتواءه على جمل حوارية
خطابية ثقيلة .
الفيلم يقدم
شخصية الإمام احمد بن حميدالدين فى صورة زير النساء الذى يقضي معظم وقته فى اللهو
مع الجواري والضيفات الأجنبيات ، و يتصرف كما الأطفال أو البلهاء وهو يلهو مندهش
بلعبةالقطار للأطفال ، وقد أدي هذا الدور الممثل المخضرم صلاح منصور صاحب شخصية
العمدة فى الفيلم الإجتماعي المهم "الزوجة الثانية" ، وبرأيي كان أداء
منصور فى فيلم ثورة اليمن سقطة كبيرة فى تاريخه السينمائي .
من جانب أخر
فأن الإمام احمد بن حميد الدين لم يكن بالرجل السطحي أو الأبله أو الغبي فهو رجل
شديد الذكاء والقوة والمقدرة على الحكم وإلا مااستطاع ان يفرض سيطرته على اليمن
لسنوات طويلة ويدخل فى صدامات وتحالفات إقليمية ، كما أن الإمام قام بإرسال طلبة
يمنيين إلى الخارج للدراسة ، وأقام علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفييتي ومصر
والسعودية ودول عديدة استفاد منها فى إدخال بعض التحديثات على الحياة باليمن .
لا يتطرق
الفيلم لا من قريب أو بعيد لدور المصري فى انقلاب عبدالله السلال والتدخل العسكري
المصري لاحقا ، واظهار بإن من قام بأسقاط حكم الأئمة هم اليمنيين أنفسهم دون أى
تدخل مصري .
أيضا من
الجوانب السطحية فى الفيلم شخصية الطالب اليمني منصور - والتى أداها الممثل المصري
حسن يوسف - وقيامه بالتحريض على الثورة والتبشير بها من لحظة وصوله من القاهرة
ونزوله بالمطار بدون أن يكون هناك أشارات مقنعة او مثيرة لهذه الخطب الجوفاء التى
اتحف المشاهدين بها منذ اللقطات الأولي لظهوره بالفيلم ، إذ اغفل كاتب القصة صالح
مرسى والسيناريو على الزرقاني الإشارة لإوضاع البلاد وماسبق الانقلاب من احداث
قادت الناس للترحيب بعبدالله السلال ورفقاءه ، فقد شهد اليمن سنوات من القحط
والجفاف وبوار الأراضي الزراعية ، وانتشار الفقر الشديد ، مع غضب ونقمة بين الشعب
اليمني الذى تظاهر إمام قصر الإمام ماترتب عليه صدامات أدت لموت الكثير من الناس
فى الساحات .
أما عماد
حمدي الذى أدي شخصية السلال ، والممثلة ماجدة وصلاح قابيل فقد ظهروا بشكل باهت
وأداء سطحي وبعيد عن الحقيقة والواقع .
استخدام لهجة
هجينة بالفيلم فليست باللهجة اليمنية أو المصرية الخالصة جعلت من حوارات الفيلم
مشوهة ولا تساهم فى انسجام المشاهد مع الفيلم ، وربما النقطة الإيجابية الوحيدة
بالفيلم هو المشاهد الطبيعية لليمن بتلك السنوات .
الفيلم من
بطولة عماد حمدي وماجدة وحسن يوسف وصلاح قابيل صلاح منصور. بجانب بعض الممثلين
اليمنيين فى أدوار ثانوية ، وكتب القصة لصالح مرسى و السيناريو علي الزرقاني
وأخرجه عاطف سالم عام 1966م ، وتمت تصويره في صنعاء القديمة وتعز .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق