الايام الفائتة كنت اطالع فى الاخبار نبأ وفاة مايكل جاكسون فجأة بنوبة قلبية وما اثاره من موجة حزن اجتاحت محبيه ومعجبيه حول العالم ، وبالمقابل كان هناك الكثير من الشجب لهذه الشخصية التى نُظر اليها دائما على انها شخص شديد الغرابة او مسخ حى ..بقدر ما يحزننا خبر وفاة اى شخص من حولنا فللموت حرمة ، ورهبة ، وغموض غريب ..حركت وفاته سيل الذكريات والتأملات طوال الايام الفائتة ، فمازالت اتذكرسماعى لأغانيه اول مرة فى منتصف ثمانينات القرن العشرين فى لندن وقتها كان نوع الموسيقى التى استمع لها فى سنى الصغيرة فى الغالب موسيقى كلاسيكية، الا اننى كغيرى من مراهقى تلك الفترة وجدت نفسى منجذبة للبحث عن تسجيلاته ومشاهدة عروضه الموسيقية المبهرة ، تابعت كغيرى مسيرته الفنية والشخصية عبر الصحف التى بدأت مع حلول تسعينيات القرن العشرين تركز اكثر على حياته الشخصية وسلوكياته الخاصة بالمقابل لم تحقق البواماته النجاح الذى عرفه فى وقت ابكر من حياته الفنية ....كل هذا معروف للجميع ولكن ما اثارنى الايام الفائتة هو مرورنا على الوفاة بشكل عابر، ودون التفكير فى الامر بشكل اعمق وكأنه كان مهرج البلاط توفى وهو يجرب القيام بقفزة جديد تسلينا وتبعد الملل عن حياتنا ، هكذا بدا الامر بالنسبة لى كان يلح على عقلى تذكر ترجمة للدكتور محمد قصيبات لنص" الرجل الضاحك والكمبراشيكوس لفيكتور هيجو "...الكمبراشيكوس جماعة غريبة من الرحل اشتهرت في القرن السابع عشر ، وشرعت تسقط في النسيان في الثامن عشر، ويجهلها الكثيرون في قرننا هذا (التاسع عشر). لقد تاجرت الجماعة في الأطفال وماذا كانوا يفعلون بالأطفال قبل بيعهم؟ كانوا يصنعون منهم مخلوقات مخيفة ، للضحك واللهو… فالناس في ذلك القرن كانوا في حاجة للضحك ، وكذلك الملوك ، أن يتحول الطفل إلى لعبة من أجل اللهو والضحك ، ذلك أمر حدث كثيرًا في تاريخ البشرية.. وكان الكمبراشيكوس يشترون الأطفال ويشتغلون على تغييرهم وتشويههم قبل بيعهم، وكان الباعة من كافة الناس …من الأب الفقير الذي لا يستطيع إطعام عائلته إلى السيد الذي يملك العبيد. بيع الناس في ذلك الوقت كان أمرًا سهلاً ، وهو حق مازال يطالب به البعض في زمننا هذا! لم يشتغل الكمبراشيكوس على تغيير وجوه الأطفال وحسب، بل كانت لديهم القدرة أيضًا على نزع ذاكرتهم … أو على الأقل ما استطاعوا نزعه منها. لم يدرك الأطفال ما حدث لهم صناعة المشوهين منتشرة حولنا في هذا العصر… لكن “كومبراشيكوس” هذا الزمن هم أكثر دهاء ومكرًا؛ إنهم لا يقومون بتجارتهم في سرية بل على مرأى من الجميع… لكن نتائج ما يقومون به هي التي لا تظهر على نحو مباشر.. في الزمن القديم كانت الجراح تترك آثارها على وجه الطفل وليست على عقله… أما الآن فآثارها باقية على دماغ الطفل.. في كلتا الحالتين لا يعرف الطفل التشويهات التي حدثت له...كومبراشيكوس هذا العصر لا يستعملون أدوية تخدير، بل هم يأخذون الطفل قبل أن يدرك الحقيقة ولا يدعونه يطور إدراكه للأشياء. فحيث تضع الطبيعة الدماغ السوي يصنعون هم الأطفال المتخلفين عقليًا. إنهم يجعلونك غير قادر على معرفة حقيقة عقلك وذلك ما دمت حيًا ، بالطبع ثمة قوانين وضعت لحماية الطفل وكذلك أعياد للإحتفال به ومنحه الهدايا والحلوى ، لكن كومبراشيكوس العصر الحديث هم أكثر دهاءً؛ إنهم يحولون الطفل إلى آلة تستهلك ما يريدون… فتلك تجارة أكثر ربحًا من شق شفاههم أو وضعهم في زير.. يبقى الطفل في المتوسط حوالي ثلاث ساعات في اليوم أمام “التلفزيون… ومشتقاته ..لا ادرى هل ارثى لمايكل الذى استراح اخيرا من عالمنا القاسى ام ارثى لمن مازال حى ومضطر لمواصلة العيش وسط عصر متقلب وصعب ، فى السابق كانت دائما هناك صناعة تسلية منذ اقدم العصور ولكنها فى وقتنا الحالى صارالتأثير اقوى واعمق فى عقولنا ،وليس من السهل الافلات منه .
Internet Explorer cannot display the webpage
ردحذف!What can i say
ردحذفMay Allah be with us :)
موضوع يستحق النقاش, و شكـــــرا :)
ردحذفبين أول تدوينة لك وأخر تدوينة يظهر الفرق جلياً في تطور مهاراتكِ الكتابية والقدرة على السرد المبسط والغني ايضاً
ردحذف