الجمعة، 16 مايو 2014

لوعة الفراق و الحنين فى ترانيم فن الفادو البرتغالى ..

Jose malhoa 



 كمراكب فوق اليمّ
هي أغاني البرتغاليين

ترحل من روح إلى أخرى

تخاطر بالغرق
                                            فرناندو بيسوا

اعتبر ان الغناء معبر عن روح وثقافة أى شعب ، وهذا مايدفعنى للبحث حول الكثير مما استمع إليه فى اوقات كثيرة ، محاولة استيعاب جوانب مختلفة من ثقافات وشعوب كثيرة ، ونظرا لشغفى بالتراث البحرى الغنائى فقد جذبنى ماتملكه الدول صاحبة الامبراطوريات البحرية العظيمة فى عصر الاستكشاف والرحلات البحرية الكبيرة للبحث حول ماكان يترنم او يؤديه البحارة فى تلك الرحلات الطويلة الشاقة المحفوفة بالمخاطر ، واحد تلك الدول تأتى شهرة البرتغال كدولة وكشعبمخر بحارته وسفنه عباب البحار والمحيطات ولينتقلوا الى العالم الجديد تاركين نسائهم وبيوتهم واسرهم ورائهم لفترات طويلة ، ومن هنا ولد الفادو هذا النوع من موسيقى ترتبط بعالم البحر والبحارة واحزانهم ومشاعرهم .

ويعتبر الفادو من الانواع الموسيقية والغنائية التى تشتهر بها البرتغال حول العالم ، والترجمة الاقرب لكلمة الفادو تعنى نصيب الانسان او قدره ،و يتميز هذا اللون الموسيقي والغنائي بالكلمات الحزينة فمعظم أغاني "الفادو" تتحدث عن الفراق، وعالم البحارة و البحر والحنين والفقد، بالإضافة إلى الغناء عن مواضيع أخرى متنوعة فقد تطور بعد ذلك وشمل موضوعات اخرى كالفقر وشقاء الحياة والنقد السياسي ومصارعة الثيران ووصف الخيول وهذه الموضوعات ادخلها وغناءها الرجال .


ولولادة هذا الفن الموسيقى والغنائى فى الأحياء الفقيرة على أيدى النساء الحزينات الباكيات على فراق أزواجهن واحبائهن انعكاس على الكلمات والألحان ،إذ كانت تخرج النساء للوقوف على البحر وتبدأ في الغناء الحزين كتعبير عن مشاعرهن ، لهذا يعتبر الفادو اللون الموسيقى الاقرب فنون الغناء البحري المعروف في بلدان الخليج، حين تُؤدى أغانى تدور حول الفراق ولوعة الوداع و التمنيات بسلامة الرجال من الرحلات الطويلة ، الخطيرة .


 و يتكون الفادو من مزيجًا من الألحان البرتغالية و الايقاعات الأفريقية و من تأثيرات الموسيقى العربية، يرجع ظهوره للأوائل القرن التاسع عشر في البرتغال ، ويطلق تسمية فاديستا على من يؤدى هذا النوع من الغناء ، بصحبة القيثارة البرتغالية .


يقسم المتخصصون موسيقى الفادو الى نوعين او اتجاهين: فادو لشبونه ( وخصوصا من مناطقها الفاما وموراريا) وهذه تغنيه النساء كما الرجال، وفادو كويمبري، وهذا يغنيه الرجال بشكل حصرى ، وفي الحقيقة رغم ان الفادو بدأ كفن رجالي واغاني للبحارة ، الا ان انتشاره يرجع للمغنيات النساء؛ ومن بينهن اماليا رودريغز ودولسى بونتيس وماريزا وميزيا الخ.


وتعتبر أماليا رودريغز ملكة غناء الفادو بأسلوب أدائها الكلاسيكى، حيث استطاعت ان تجلب هذا الفن من نساء كن يتغنين به ويعتبرن من نساء الشوارع، في أحياء ليشبونة القديمة وبخاصة الحيّ العربي في القرن التاسع عشر، قبل ان ترتقي به أماليا رودريغوز ويصبح على يديها فناً عالمياً يقدم على اشهر المسارح.


يقول الباحث حسين التربى حول دور السلطات الحكومية فى المحافظة على هذا الفن من الاندثار او البقاء حبيس للاحياء الفقيرة  "بعد الانقلاب العسكري في 1926، صدر قانون يأمر بعدم السماح بغناء الكلمات الهابطة ودعا الانقلابيون الى "تنظيف" أغاني الفادو من الشوائب واشارات الاباحية والشهوات المجنونة حفاظا على الذوق العام. لكن تلك القيود لم تنجح في القضاء على شعبية هذا النوع من الغناء او الحد من سرعة انتشاره بين افراد المجتمع البرتغالي. واليوم تعتبر موسيقى الفادو من الميراث الشعبي لدى البرتغاليين الذين يعتزون كثيرا بعاداتهم وتقاليدهم وموروثهم الثقافي" .


فقد كان النجاح والشهرة العالمية التى حققتها  آماليا رودريغز حافز كى تسعى السلطات الرسمية فى البرتغال ابان الحكم العسكرى لتركيز على تقديم فن راقى خالى من الركاكة او الاسفاف ، كم سعى مجموعة من الباحثين والاكادميين بجامعة كاميرا للاهتمام برتجمة نصوص وكلمات لكبار الشعراء القدماء او المعاصرين فى البرتغال كى يتم استعمالها ككلمات للاغانى الفادو، إلا ان وضع فن الفادو اختلف بعد ثورة 1974 فى البرتغال على الرغم من اعتباره جزء من الغناء الثورى لمرحلة ماقبل الاطاحة بالجنرال أنطونيو سالازار،بالرغم من ذلك فقد تعرض الفادو للاهمال ، إذ توقفت المسابقة السنوية لفادو و تراجع عروضه من الراديو والمواد المذاعة فى التلفزيون .


وقد احتفلت البرتغال بإعلان الفادو على لائحة التراث اللامادي لليونسكو، وكما تم اعلان المطربة البرتغالية الشهيرة ماريزا كسفيرة اليونسكو لفن الفادوفى العام  2011. 


اختار واحدة من اشهر اغانى الفادو وعنوانها اغنية البحر بصوت دولسى بونتيس وهي الاغنية التي ذاع صيتها وغناها مطربون عالميون وترجمت الى عدة لغات ، وهى فى الاصل للمطربة البرتغالية أماليا رودريغز التى غنتها فى العام 1955.


ترجمة الاغنية


SONG Of THE SEA

I was dancing on my little boat

There on the cruel sea

And the sea was crying out to me

Telling me that I should steal

The incomparable light

Of your beautiful eyes

Come and prove that the sea is right

Come here and see my heart dancing

If I'II go dancing on my little boat

I won't go to the cruel sea I'II tell her that I was singing,

 smiling, dancing, living and dreaming of you

                             

هناك تعليقان (2):

  1. أسلوبك في كتابة التدوينة تتطور من تدوينة لأخرى سعيّدة جداً بالمعلومات الموجودة في التدوينة وتسلسل وسلاسة الطرح واحببت الأغنية حقاً

    ردحذف
  2. ارى ان الناس لم تعطي أهمية لهذا معلومات حزينة جدا لاجل ذلك فتلك معلموات قيمة وقد كنت ابحث عن ترجمة اغاني دوليس ورأيت هذه التدوينة وسعدت كثيرا كثيرا شكرا لك حقا

    ردحذف