الجمعة، 19 يونيو 2015

كيف تقضى وقتك أثناء قطع الكهرباء ...



حل شهر رمضان المبارك ، وعادت أزمة انقطاع التيار الكهربائى لتصبح جزء أساسي فى الحديث اليومي لسكان بنغازي والكثير من المدن الليبية ، ومع أوضاع الحرب بالمدينة ، والمعاناة مع الازمات المعيشية ، ومواجهة الكثير من المشاكل القديمة والمستجدة ، يكون سؤال " كيف تقضى وقتك أثناء قطع الكهرباء ؟ " بديلا عن سؤال أين تذهب هذا المساء؟ 

حاولت ان اجيب عن هذا السؤال بوضع بدائل لتسلية نفسي أثناء الانقطاعات التى لاتقل عن ست ساعات يوميا ، بادئة بعد الدعاء على الحكومات والمسئولين والسلطات التشريعية المتعاقبة على البلد خلال اربعة اعوام ، بالجلوس للمارسة أكثر الأنشطة تفضيلا ً بالنسبة إلى ، إلا وهى القراءة ، متخذة كافة الاحتياطات اللازمة كى لا احرم من هذه المتعة المتبقية وسط جنون الحرب ، فإذا تصادف وانقطعت الكهرباء فى النهار فأننى اختار احد الكتب الورقية ، و إذ يتوفر لدي احتياطي كتب غير مقروءة او كتب قرأتها ولكنها تصلح للعودة لقراءتها من جديد فى مثل هذه الظروف ، إما إذ حدث الانقطاع فى الليل فأنا أبقى جهاز القارىء الالكترونى مشحون وجاهز لمواجهة هذه الظروف الصعبة ، حيث يتوفر بالجهاز الكثير من الكتب بمختلف انواعها مما يتيح أمامى فرصة  الاختيار والتنقل براحتي ، وكنوع من التجديد والتغييرخلال هذا العام أضفت الكتب المسموعة بعد تردد .

هذا ومن الأشياء التى اقوم بها فى فترات الانقطاعات الطويلة هو الاستماع إلى الراديو ، فهو يريح الاعصاب ، وينعش المخيلة بالانصات وتشغيل الدماغ والتفكير فى المعلومات او الاخبار او التركيز على النقاشات للبرامج المختلفة ، وتشاركنى والدتي الاستماع للبرامج الثقافية او الدينية والتمثليات و المقطوعات الموسيقية ، فيمر الوقت عبر التنقل بين محطات راديو اعتادناها لسنوات طويلة كالشرق الأوسط أو راديو مونتى كارلو أو البى بى سي .

كما يمنحنى الظلام وتوقف حركة السيارات فى الشوارع ، والهدوء المخيم على الحي ، مساحة للتأمل والتفكير ولصفاء الذهن ، كما يساعدني على الاسترخاء و النوم فى خاصة فى الأيام التى أعانى فيها الأرق او تواجهني صعوبة فى النوم بسهولة ويسر.

وأخيرا من الأشياء المحببة التى افعلها أثناء انقطاع الكهرباء هو قضاء وقت أطول فى حديث لطيف ومختلف مع والدتي ، التي تجد متعة فى التذكر واستعادة الكثير من ذكرياتها وحكاياتها خاصة حول طفولتها وشبابها بمسقط رأسها بمدينة درنة أو حياتها ببنغازى او رحلاتها مع بابا رحمه الله ،مهم تكرر سرد تلك الحكايات والذكريات ، لا أمل الانصات ومشاركتها متعة استعادتها مرارا وتكرارا .
 ليلة البارحة بعد انقطاع الكهرباء ، اعدت قراءة كتاب " مذكراتى اللندنية" وهو كتاب خفيف ومسلى، يمكن قراءته للتسلية وللترفيه خاصة فى اوقات الانتظار فى الاماكن او المواصلات العامة ، هو عبارة عن ذكريات لشاب سعودى تخرج لتوه من الثانوية العامة ويستعد لدخول الجامعة عندما تغير قدره بالسفر كمرافق لأخيه لتلقي العلاج من داء سرطان الدم، في مدينة الضباب لندن خلال العامين 1984 و1985 وجزء من العام 1986، وقد حاول الكاتب – نديم الهوى- وهو الاسم الرمزى للكاتب خالد الغامدي أن يتواخى الدقة فى سرده لتلك الذكريات رغم مرور أكثر من 25 سنة على حدوثها .


 لم تخلُ تلك المذكرات او الذكريات المكتوبة بدون ترتيب للتواريخ من المواقف التراجيدية والرومانسية ، والكوميدية التى جعلتنى اضحك لطرافة المواقف والشخصيات الموصوفة فى الكتاب ، كما تضمنت المذكرات رصد لسلوك السياح العرب أو المقيمين بالبلد ، وتناول حكاية مهاجر عربى عمل بالصحافة العربية فى لندن التى اختارها فى تلك السنوات كثير من كبار الصحافيين العرب او المغمورين لاصدار صحف جادة ورصينة وأخرى صفراء ، وكشف كواليس واسرار مسابقات ملكات جمال العرب المقامة فى لندن فى تلك الاعوام .

كما قدم الكاتب صور جميلة لطبيعة البلد وطقسه المميز ، و ماتركته حركة الفصول الأربعة على حواسه ومخيلته .

لاينسى الكاتب نديم الهوي/خالد الغامدي أن يعرج على موضوع المكتبات العربية التي كانت تتميز بها لندن قبل عصر الإنترنت .

من الأشياء التى لم تعجبنى فى الكتاب هو استعمال الكلمات العامية فى اجزاء كثيرة ، رغم فهمى لنسبة كبيرة لما تضمنه الكتاب ، إلا أن بعضها بدي شديد المحلية .

كم أن الاسهاب والاستطراد بالاخص فى الفصل الذى يدور حول "بريصة الأصفهاني" إذ يمتد السرد حتى مصر رغم أن الكاتب يروى لنا ذكرياته اللندنية .

أيضا افراط الكاتب فى مدح نفسه ، وقبيلته ، و امرائهم وملوكهم ، والحديث عن الأخرين من عرب كمصريين او جزائريين او مغاربة بأسلوب سلبى ،تضمن النظرة النمطية لهم ، كما لم تخلو كلمات الغامدي من عنصرية كريهة ، كان الأحرى بالكاتب أن يوضح ما اكتسبه من نضج ونمو فكرى فى اعادة تقييم لتلك النظرة المكتسبة من المواقف والتجارب السلبية مع بعض الأخوة العرب فى لندن ، فالمذكرات كُتبت بعد مرور اعوام طويلة ولم تصدر فى حينها ، ما قد يمنح الكاتب عذر لصغر السن و بساطة التجربة وضحالة خبرة الحياة ، ولكن سرد لتلك التجارب والمواقف بنفس النبرة السلبية أضعف الكتاب نوعا ما .

اكثر الحكايات التى اعجبتنى فى الكتاب الجزء الخاص ب"محمد رضا وشريط فوز المنتخب بكأس آسيا  84 " ، بالإضافة لاعجابى بالفصول الثلاث الأولى من الكتاب ، فقد احتوت على الكثير من المشاهد والمواقف الطريفة ، وعكست خفة دم كبيرة عند الكاتب .

جاءت نهاية رحلة ذكريات نديم الهوي بعد انقضاء عامين ونصف فى لندن بشكل غير متوقع ، جعلتنى ابتسم لقدرة الكاتب على الابقاء على التشويق فى الجزء الأخير من الكتاب .

اعتقد برأيى الشخصى كان بالامكان ان يخرج الكتاب بشكل أفضل لو اعادة الغامدي كتابته او قام بتسليمه لمحرر ليضع لمساته الاحترافية على الكتاب المنشور سابقا فى شكل حلقات بإحد المنتديات العربية زمن عزها ، قبل أن يفكر الكاتب فى جمعها ضمن كتاب، كل ماذكرته لايقلل استمتاعى بالكتاب الطريف ، الذى عدت لقراءته فى نسخة الالكترونية للمرة الثالث خلال ليلة البارحة.
 كان البرنامج العام من القاهرة يقدم  "ألف ليلة وليلة " من إخراج: محمد محمود شعبان وهو من البرامج المسموعة فى شهر رمضان التى كانت جدتى "والدة ماما" بمدينة درنة تحب الاستماع إليها عبر الراديو فى سنوات مضت حيث يصل بث الكثير من الاذاعات المسموعة كالمصرية و الاردنية وحتى الاسرائيلية بشكل واضح لمدينة درنة ، و كانت اصغر خالاتى تحب تسجيل الكثير من الحلقات كى تستمع إليها فى اوقات اخرى ، طبعا ذلك فى زمن الكاسيت والمسجل ، وكنت استمع لتلك التسجيلات فى زياراتنا لبيت جدى فى العطلة الصيفية ، قررت البحث عن حلقات مسجلة للبرنامج بوضوح اكبر لتحميلها والاستماع إليها فى فترات غياب الكهرباء ، و لاستعادة أجواء جميلة .

  

هناك 3 تعليقات:

  1. لان هذه التدوينه 3 مواضيع (تدوينه تريبل بلس) ما نقدرش نقول الا حبيتها,وربي يفرج علي بنغازي وأهلها وترد بنغازي مدينه حيويه كيف ما عرفناها...

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا يانهلة على الامنيات الطيبة :))

      حذف
  2. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف