رواية
"هوس" للكاتبة الكويتية "رانيا السعد" تدور احداثها حول سلوي
ابنة أسرة كويتية ثرية ، لا ضوابط تحكم حياة تلك الأسرة ، فالأب رجل اعمال مشغول
بجمع الاموال وتحقيق المكاسب ولو عن طريق غير مشروعة ، بينما تنهمك الأم فى اقتناء
الثياب الفاخرة والمجوهرات الثمينة، وأختان متزوجتان لايوجد أى علاقات مودة ومحبة
تربطها بهن .
تقدم
لنا الكاتبة سيرة حياة لبطلة عملها منذ سنوات عمرها المبكرة مركزة على شعورها
بالنقص منذ طفولتها فالفتاة لاتتمتع بأى قدر من الجمال فهي كما تصف نفسها فى
الرواية " طويلة ونحيلة ويبدو جسمي كجسم صبي على وشك البلوغ تمددت عظامه بطريقة
غير متناسقة" .
من
خلال مواقف تعيشها بطلة العمل تقدم لنا المناخ الذى ساد بيتهم وتربت فيه سلوي ،
فقد سادت القسوة و الاستهتار و الاهمال و الانانية فى تعامل الأب والأم مع بعضهما
البعض ، وفى طريقة تربيتهم و علاقتهم مع بناتهم الثلاثة ، مما دفع الأبنة الصغري
للبحث عن بدائل خارج البيت ، فغرقت فى عالم الأندية المخصصة لاولاد الأسر المرفهة
، فتبذل جهدها لكسب صداقات مع اشخاص ، لا احد فيهم يحترمها لسمعة والدها، ولاهتزاز
ثقتها بنفسها، وسعيها للتعويض من خلال اغداق الاموال على دائرة صداقات غير حقيقية
.
بعد
تعرضها لحادث سيارة تقودها لصداقة فتاة تنتمي للتيار الاسلامي فتبذل تلك الفتاة
جهدها لرفع معنويات سلوي بتشجيعها للخروج من دائرتها السابقة والبدء فى حياة جديدة مختلفة ، فتقرر سلوي بمجرد
خروجها من المستشفى ولاهمال والدتها واخواتها ووالدها وباقى مجموعة نادي اليخوت لها
فى المستشفى وتجاهل زيارتها ، تقرر سلوي نكاية فى اسرتها ان ترتدي الحجاب و تلتحق
بجماعة الأخوان المسلمين عن طريق صديقتها الأسلامية ، التي ترشحها للزواج برجل
ملتزم ، يتمتع بوسامة و جاذبية ، فهو شاعر ومثقف ولديه مستقبل واعد ، و رغم بساطة
مستوى اسرته ماديا أمام اسرة سلوي ، يتم الزواج ليثمر عن طفلتين ، فى تلك الأثناء
تلتحق بالعمل كمدرسة بمساعدة تلك الصديقة قبل أن تقع فى مشاكل مع طالباتها كانت
احداهن هى من تصبح زوجة طليقها في مابعد.
تنتهى
حياة سلوي الزوجية بطلبها الطلاق من زوجها ، الذى يتزوج من "يارا"
طالبتها السابقة ، التى تصبح هدفا ً لمطاردات وملاحقات سلوي ، تصل لحد التجسس
عليها فى بيتها من خلال الخادمة ، و قيام سلوي بتقليدها في كل ما تقوم به .
فتقرر
العودة للدراسة بالجامعة لدراسة التجارة والا قتصاد والتخصص بالمحاسبة ، كما خاضت انتخابات الطلبة ولم
تستطع ان تحقق أى فوز ، تتزوج أكثر من مرة ، وتقرر العودة للعمل من جديد ضمن مكتب
خاص بشراكة مع محامي ، تقليدا ً لزوجة طليقها غريمتها المفترضة ، وتنتهي سلوى بالوقوع
فريسة مرض نفسي هو (هوس لاإرادي) .
***
لغة
الرواية عادية وأقرب لركاكة فى بعض المواضع ،واستعمال العامية ترهق القارىء العربي
وتضعف النص الروائي. وتخلو الرواية من علامات الترقيم ، تفتقد للحبكة السردية
المناسبة لهذا النوع من الأعمال الروائية .
عجزت
الكاتبة فى بعض المواضع عن ايجاد تفسيرات مقبولة لتصرفات وسلوكيات البطلة ،
كاتخاذها لقرار الطلاق لمجرد العثور على قصيدة غزلية وهو الشاعر النشيط فى الكتابة
والنشر ، تضخيم مشاكل بسيطة للبطلة كوجود الشعر الكثيف على جسدها فى زمن الليزر و
صالونات التجميل والعمليات الجراحية التجميلية ، لم تكن مقنعة للقارىء كليا ،
فبطلة الرواية سلوي هى ابنة اسرة ثرية تسافر لاوربا باستمرار ، ويبذل الأب جهده من
أجل جذب العرسان لبناته ، فمن غير المعقول ان لايدفع مبالغ مالية لتحسين مظهر
ابنته الصغري.
و
قد بدت الصدف المتكررة فى حياة سلوي و قدرتها على البقاء مطلعة على اخبار تنقلات
غريمتها امر غير قابل للتصديق ولو فى عالم روائي فأضعفت العمل.
اقحام
احداث سياسية واسماء لشخصيات وتنظيمات فى الكويت لم يأتي ليخدم النص الروائي ، قدر
ماكان اقرب لعرض الكاتبة لوجهة نظرها الشخصية فطغي صوت رانيا السعد علي صوت سلوي
بطلة العمل ،والتي تعتبر الصوت السارد الرئيسي والوحيد تقريبا فى الرواية .
استخدام
أدوات سردية كالتدوين ورسائل الهاتف المحمول كان بالامكان توظيفها لمساعدة سلوي على
عرض معاناتها النفسية، بدل من استخدامها لتسليط الضوء على "يارا" زوجة
الطليق واظهارها كامرأة كاملة لاتشوبها شائبة فى مبالغات لانراها إلا فى افلام
الأبيض واسود فى السينما العربية ايام زمان .
فكرة
الرواية جيدة ، فمرض الهوس أصبح ينتشر بشكل اكبر فيأخذ اشكال مختلفة فى حياة
النساء والرجال من كافة الاعمار بتأثير وسائل الاعلام الحديثة ، ولكن الرواية لم
تكن بريئة تماما و لم تخلو من استغلال الفكرة لتصفية حسابات شخصية بين الكاتبة
رانيا السعد ، وسلوي بطلة الرواية والتي تصب عليها كل الصفات السيئة و الأخلاق القبيحة ، فتدفع بالقراء للنفور من
سلوي المصابة بمرض نفسي بدل من التعاطف معها كما فى اعمال تدور فى نفس الأجواء ،
مقابل اغداق الجمال والأناقة والمثالية والنجاح و التفوق على الغريمة
"يارا" جعلها شخصية غير مقبولة لدي القارىء ، فهى تظهر شخصية غير حقيقية
.
مالايعرفه
القارىء أن الرواية ماهى إلا تصفية حساب شخصي بين الكاتبة و طليقة زوجها التي
حولتها فى الرواية لسلوي المعقدة نفسيا ً ،و الفاشلة ، و القبيحة ، فى حين تمتعت
طليقة زوج الكاتبة بامتلاك رصيد كبير من احترام وتقدير الناس، و نجاح فى ادارة
عملها الخاص، أو فى القطاع الحكومي ، وشعبية كبيرة لدي متابعينها عبر الشبكات
الاجتماعية .
***
رانيا
السعد ، كاتبة وروائية كويتية ، وناشطة سياسية ، و مدونة منذ العام 2004، صدر لها كتاب
بعنوان (صباحاتي سكر ) تعرض فيها تجربتها كأم مع ابنها الوحيد المصاب بمرض السكري
، ثم صدرت لها أول اعمالها الروائية بعنوان هوس العام 2011 ، ثم صدر لها مؤخرا ً
رواية بعنوان مدي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق