الخميس، 30 يوليو 2015

ليل بنغازي (2) ...



غابت الكهرباء مساء هذا اليوم كالعادة لما يزيد عن الست ساعات ، فلم يبقي إمامى من وسيلة تسلية لتمضية باقى الليل ، إلا القراءة خاصة مع توافر كمية مجلات وكتب غير مقروءة او كتب قرأتها ولكنها تصلح للعودة لقراءتها من جديد فى مثل هذه الظروف ، المهم هذا المساء ألتقطت مجلة العربى عدد شهر نوفمبر من عام 2012 إذ اكتشفت أننى لم اقراه حتى اليوم، فتصفحت العناوين التى شادني منها باب "وجها لوجه"  الذي يحاور فيه عماد فؤاد (الشاعر المصري المقيم بهولندا ) الشاعرة النيكاراغوية ذات الأصول الفلسطينية سعاد مرقص فريج حيث يعرفنا بسعاد بإنها الشاعرة التي أحبت ياسر عرفات معترفة بأنه الحب الوحيد في حياتها.

سعاد مرقص فريج، هي ابنة أحد المهاجرين الفلسطينيين في بدايات القرن العشرين. والد جدها لأبيها هو أول من هاجر إلى نيكاراغوا ،وقد تزوج والدها جورج من والدتها ماريا باسيل المنتمية لبيت لحم بفلسطين ، لينجبا خمسة أولاد، ربتهم ماريا وحدها بعد ترملها فى سن الثلاثين ، حيث عملت في محل الأقمشة الذي خلّفه زوجها، كما نجحت في تربية وتعليم أطفالها في تلك الغربة ، وكبرت سعاد على الاستماع لراديو قديم تقول : " كان أبي يستمع إلى إذاعة «البي بي سي» ليعرف أخبار بلاده عبر هذا الراديو، وعبر موجاته عرفت عبد الناصر وعرفات الذي التقيته عام 1980 عندما جاء إلى نيكاراغوا ".

 و شاركت سعاد مع أخيها يعقوب مرقص فريج في الثورة الساندينية، ومن بين المسجونين على يد قوات الديكتاتور سوموسا، كان أخوها الطبيب يعقوب فريج الذي قضى عامان ونصف في سجون سوموسا مع غيره من الثوار العرب أيضا، بعد انتصار الثورة الساندينية التي يتشابك تاريخها مع الثورة الفلسطينية وزيارة عرفات إلى نيكاراغوا عام 1980، سافرت سعاد إلى لبنان للانضمام لثورة وطنها الأم فلسطين الذي طالما حلمت بالذود عنه ، حيث توطدت علاقتها بعرفات خلال العامين التى قضتهما فى بيروت حتى عودتها لنيكاراغوا عام 1982 .

بمساعدة الجوجل عثرت على معلومات اكثر عن حياة هذه الشاعرة و اطلعت على جزء من قصائدها ، كما اكتشفت بأنها والدة الفنانة إلسا باسيل وهى مطربة إرجنتينية تتمتع بشهرة كبيرة فى نيكاراغوا ، كما نجحت فى  التلحين والغناء لمحمود درويش بالأسبانية .

***
كما استمعت هذه الليلة لكتاب صوتي هى مسرحية "الآنسة جوليا" للكاتب السويدي أوغست سترندبرغ (1849- 1912) تتألف من فصل واحد فقط ، ينقسم الى قسمين ، و تجري الأحداث خلال مدة قصيرة لاتتجاوز الليلة وصباح اليوم التالي، أى خلال احتفال بعيد منتصف فصل الصيف وحيث تتركز الأحداث حول  شخصيتين هما: الآنسة جوليا، ابنة الكونت صاحب القصر الذي تدور فيه الأحداث، و جان، خادم الأب، بالإضافة لكريستين الطباخة و خطيبة جان.

نتعرف على غرابة أطوار الآنسة جوليا وحتى قبل دخولها من خلال حوار قصير يدور بين جان وكريستين ، إذ يلفت انتباهما تفضيلها قضاء ليلة العيد بين الخدم والفلاحين ترقص وتلهو معهم بدلاً من مرافقه والدها لزيارة أقاربها، كما يحكى جان لكريستين عن  كره الآنسة جوليا للرجال وتعذيبها لهم من خلال سرد ماشاهده من حرصها على إهانة خطيبها وكيل النيابة بتدريبه في الاسطبل على القفز فوق سوطها، ممايدفعه لكسر السوط و فسخ الخطبة .

في ليلة الاحتفال يتغيب الكونت عن القصر فتجد الأبنة جوليا نفسها فى حالة ضعف نفسى تساعد على خضوعها لاغراء الخادم جان ، فى الوقت الذى يخيل اليها انها هي من يفعل ذلك ، و يكشف جان عن طبيعة خسيسة ، تدفعه لاستغلال ذلك الموقف، إذ ينجح باقناعها بسرقة والدها والهرب معه بعيداً، كي يحقق حلم قديم في أن يصبح صاحب نزل كبير.



 و تمضى باقي المسرحية فى تقديم الحالة النفسية التى وصلت إليها جوليا مع اشراقة شمس الصباح إذ تأرجح بين احتقاره وشعورها بالذنب ، لكنها تتحول لانسانة عاجزة عن اتخاذ قرار تجعلها تستسلم لأى اوامر يلقيها لها جان ،الذي يتخلص من عصفورا يخصها ارادت اصطحابه معها فى رحلة الهرب ، وهذه مايجعلها تطالب جان بأن يقتلها ليخلصها من احتقارها لنفسها لاستسلامها لخادمها ، مع تأزم الوضع بين الاثنين خاصة مع ظهور كريستين الطاهية المتدينه التي تؤمن إيماناً قطعياً بالفوارق الطبقية ، والتى تستهجن سلوك الآنسة جوليا ، في تلك اللحظة تحديدا ً يُلعن عن عودة الكونت الى القصر، فيغير جان من سلوكه الوقح الجرىء ، ليستعيد دوره القديم كخادم ، وتبقي جوليا ضائعة ، مسلوبة الإرادة ، عاجزة عن اتخاذ أى قرار تجاه مستقبلها ، وتنتهى المسرحية القصيرة بقيام الآنسة جوليا بتنفيذ آخر أوامر جان لها .

تعتبر مسرحية "الآنسة جوليا" التى كتبها السويدي أوغست سترندبرغ في العام 1888 ،واحدة من أشهر أعماله ، و يركز سترندبرغ من خلالها على تناول العلاقة بين السادة والخدم  أواخر القرن التاسع عشر ، إذ يطرح تذبذب مكانة الطبقة العليا بالمجتمع السويدى بتلك الفترة ، مقابل طموح الطبقة الفقيرة الممثلة فى الخادم جان من أجل الأرتفاع إلى مستوى اعلى وأفضل ، كما يصور تفسخ القيم والمبادىء لدي الأشخاص المنتمين للطبقة الارستقراطية بالمجتمع السويدي ، وسيطرة العواطف والانفعالات الدنيئة فتنحط بهم إلى ما أسوء مما يشقي به الأشخاص المنتمية للطبقات الفقيرة و المعدمة فى المجتمع .

قام بالترجمة وكتابة المقدمة د.محمد مصطفي بدوي ، قام بتصوير الشخصيات كلا من:  الممثلة القديرة سميحة أيوب ، صلاح منصور ، إحسان شريف ، من إخراج محمود مرسي ، من إنتاج البرنامج الثقافي بالقاهرة ، مدة التسجيل :ساعتين .
 
رابط التحميل : https://archive.org/details/P2-dra-Froeken_Julie
                                                         
                                                              ***                                

أما باقى الليلة فقد قضيتها فى الاستماع لعمل موسيقي هو أكثر أعمال الموسيقار الالمانى (يوهان برامز ) شعبيه وشهره ويُعرف باسم الرقصات المجرية وتضم 21 رقصة مجرية وقد ألفها للبيانو ثم وزعها وقد أصبحت من أشهر الرقصات التي كتبت للأوركسترا، وقد تناول برامز في هذه الرقصات الحاناً فلكلورية مجرية قام بتوزيعها لمجموعة كبيرة من الآلات، ما عدا الرقصات رقم 11 ، 14 ، 16 فقد ألفها بشكل كامل من أفكاره اللحنية الخاصة .

أشهر رقصات برامز هي الرقصة الخامسة التى تحوى على لحنين الاول حزين بطىء والثانى سريع، يعكس اجواء احتفالات الغجر ، وربما ماجعل الكثير من المخرجين يستعملون هذه المقطوعة فى العديد من الافلام إذ اسُتعملت فى فيلم الدكتاتور لتشارلى شابلن.
 
و ارتبطت هذه المعزوفة فى ذاكرتى كطفلة فى التاسعة بذكرياتى مع خالتى ميمى رحمها الله التى رحلت قبل سنوات طويلة فى عام تخرجها من الجامعة ، تلك الخالة الشابة الجميلة المليئة بالحيوية والمرح التى كانت كثيرا ماجعلتنى اقف فوق طاولة مرتفعة مؤدية ماتعملته منها من حركات سريعة على انغام صفيرها للحن الجميل .
 
هنا الرقصة المجرية الخامسة أداء أوركسترا البُولشوي السيمفوني الروسي بقيادة تومومي نيشيموتو.Tomomi Nishimoto - Brahms : Hungarian Dance


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق