الجمعة، 8 مايو 2009

استعد لمكافحة أحزانك




كان هناك مدرس حكيم فى مدرستى ، اعتدت أن ألجأ اليه أحيانا وقد استبد بى اليأس، وسالت العبرات على وجهى ، وناء كاهلاى المرهقان التعيسان بكل متاعب الدنيا ، كان رجلا ضخم البنيان ، مرحا ، تعلم الرزانة عن تجربة مريرة بعد أن أصابه شلل الاطفال وهو شاب رياضى ، كان يجلس يسحب ورقة كبيرة وهو جالس على مكتبه ثم يسألنى باهتمام قائلا :"والان ..ماهى المسألة بالضبط ؟ " فأقول : "لقد رسبت فى امتحان التاريخ هذا الاسبوع".فيكتب هذا الكلام على الورقة بينما استطرد أنا : "وتشاجرت مع أفضل صديقاتى " فيضيف هذا أيضا ..وأواصل كلامى :" ولقد أصابنى البرد ، وتملكنى الاضطراب " ..ويضيف هذا الى القائمة بهدوء ، ولكن كل هذا مازال يبدو قليلا ً جدا فى هذا الفرخ الكبير من الورق .. ويضعف صوتى فيرفع بصره الى فى دهشة ويقول :وماذا أيضا؟ ". وأفتش فى ذهنى ، ولكنى أفشل فى تذكر أى شىء آخر..ويبدو بوضوح من تعبيرات وجهه – رغم مافيها من حنان – انه لا يعتبر هذه القائمة التافهة ، التى تثير الاشفاق على النفس ، أسبابا ً تصلح للانتحار.. ويبتسم ، ثم يقدم لى قامة نكباتى ، وعندما ستدير للأنصراف بقلب منعش ، يذكرنى منظر عكازيه البارزين فى ركن الغرفة ، بأن هناك مشكلات أكثر جدية من البرد واختبارات التاريخ.واليوم ، عندما تتملكنى الاحزان والكآبة ، اسحب ورقة كبيرة فى عقلى ، وأحاول أن أقرر الاسباب التى أدت الى هذا المزاج المثقل بالتعاسة بالضبط ..أهو قلب محطم ؟ .. أم آلة معطلة؟ .. أم جو كئيب ؟ ..أم هى آثار الانفلونزا؟ أو يوم فارغ ، وجيب فارغ ومعدة فارغة؟ وأتساءل كيف أستطيع أن أكافح هذه الحالة الذهنية بأفضل وسيلة .. ولكن الشخص الذى يعانى من الاحزان ، يستطيع أن يتناول غداءه فى مكان جديد أو يعيد طلاء المطبخ ، أو يتعلم رياضة جديدة ، أو يتحدث الى غريب ، أو يستخدم طريقا ً مختلفا ً فى البيت العودة من العمل الى البيت.. وقد نزداد ارتياحا اذا تقبلنا فكرة أنه لامفر من الانقباض النفسى ، ورتبنا حياتنا على هذا الاساس.ومن الاسلحة المفيدة ضد اليأس ، درج خاص تختزن فيه كل تلك الثروات التى عملتك التجارب أنها سوف تعمل كمقو لروحك عندما تنتابك الكآبة والانقباض ، وقد تتضمن هذه الاشياء أسطوانتك المفضلة ، أو ثوبا ً جديدا ً، رسالة أو رسالتين من ألطف الرسائل التى تلقيتها ، ثم اسحب الورقة الكبيرة التى دونت فيها مجموعتك الاخيرة من الاحزان وأعد قراءتها الان فقد تذكرك بأن المحصول الحالى لا يستطيع أن يظل مزدهرا ً إلى الابد.وثمة صديقة أخرى تستخدم أسلوب "على الاقل" لمكافحة الاحزان فهى تجلس وتفكر فى أشنع الاشياء التى حديث لها ، أو التى تستطيع تخيلها ، ثم تقول : " حسنا ً، أن جونى على الاقل ليس فى المستشفى مصابا ً بالتهاب فى الزائدة ، والتيار الكهربائى لم يقطع ، ولم اتسلم أمرا ً الطرد من المسكن". أنها أفكار مرعبة ، ولكنها تنجح ، وتستطيع بدلا من ذلك أن تقرأ كتابا ً مثيرا ً للاشجان .وليس هناك بعد ذلك شىء مثل المعرفة الجديدة فى ابعاد ذهن الانسان عن الاشياء الكئيبة التى لا مهرب منها فى الحياة اليومية ، وقد نصح صمويل جونسون – الذى عانى من الاحزان طوال عمره – صديقه بوزويل بقوله انه إذا أحس انسان ما بانقباض "فدعه يدرس منهجا ً فى الكيمياء ، أو درسا ً فى رقص الحبل ، أو منهجا ًفى أى شىء يكون ميالا ًإليه فى ذلك الحين " وقال : " لا تكن منعزلا ً، لا تكن خاملا ً، فإذا كنت خاملا ًفلا تكن منعزلا ً، وإذا كنت منعزلا ًفلا تكن خاملا ً".وعدم الانعزال ، شىء آخر يفيدك عندما تشعر بانقباض وكآبة ، أن بعض الناس يفضلون صحبة الاغراب والبعض يتخذ ملاذا ً مع الاقارب المقربين ولعل أفضل شىء أن تبحث عن ذلك المنقذ ، وهو الصديق الحقيقى ، ولكن حذار من أن تسحبه إلى دوامتك من التعاسة ، فنحن عندما نكون فى حالة الانقباض ، نمل أنفسنا ، كثيرا ً جدا ما نمل الآخرين ، أن أكتاف الاصدقاء موجودة لشفاء الاحزان الحقيقية الكريمة – أما الانقباض النفسى – ذلك الطبق "البائت " من العواطف التافهة ، فإنه أبعد مايكون من أن يصلح طبقا ً شهيا ً يشاطرك فيه أى شخص .أننا يجب الا نزور الاصدقاء لكى نسكب على مسامعهم مشكلات تافهة ، بل لكى نتذوق معا ً مباهج الذكريات ، ونضع معا ً خطط المستقبل ، والعمل المشترك ، ولكى نتشاطر الضحكات ، ومن أقدم الأزمنة ، لا يوجد علاج أفضل من ذلك فالصديق المخلص هو دواء الحياة ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق